Sunday, October 23, 2011

قل الدولة الطائفية ولاتقل الدولة الدينية


الدولة الدينية أم الدولة الطائفية؟ 


مقدمة لابد منها عن أهمية المصطلحات المستخدمة في الحوار - خاصة السياسي - حتى يكون للحوار فائدة أكثر من تزجية الوقت وتفريغ شحنات الغضب أو استعراض القدرات البلاغية والخطابية للمتحاورين ، سأكتفي بواقعة طريفة حدثت لي في أحد المراكز البحثية السياسية الكبرى عندما كان يفترض بأحد علماء السياسة المشهورين اعطاء محاضرة لمجموعة من الشباب - كنت أحدهم - عن مبادئ علم السياسة ، وأثناء حديثه عن "الأيديولوجيات ودورها" فإذا بأحد الشباب يسأله "يعني إيه أيديولوجيا يا دكتور؟" فرد العالم السياسي بأن الأيديولوجيا هي منظومة فكرية متكاملة ، فتسائل الشاب - وأظنه ينتمي للتيار الإسلامي - 

"وهل الأخوان المسلمين أيديولوجيا؟" 
هنا ضحك العالم السياسي وقال بسخرية "إن شاء الله"
ضايقني الموقف وشعرت بالإهانة التي لحقت بالشاب لا لشئ سوي أنه صادف مصطلحا جديدا لم يقابله من قبل ، لكن في نفس الوقت شعرت بمدى أهمية ما كنا شرعنا فيه بالفعل أنا وزميلتي اسراء نوح - التي شاركتني حضور ذلك اللقاء - في تخصيص أول محاضرة في كورس مدرسة السياسة لل"مصطلحات السياسية" المستخدمة في حواراتنا اليومية والتي قامت هي بإعداده بنفسها ، في محاولة منا لمنع ذلك الموقف من التكرر مرة أخرى وإيجاد مستوى مبدئي من الاتفاق على المصطلحات لدى الحاضرين في مدرسة السياسة 

أعود للموضوع الأصلي وأقول أن استخدام مصطلح ملتبس مثل مصطلح "الدولة الدينية" كفيل بخلق حالة من إنقطاع التواصل التام بين المتحدث والمتلقي غير الناشط سياسيا ، فعندما يرسخ في ذهن السواد الأعظم من المتلقين بإختلاف درجاتهم العلمية وأمزجتهم أن الدين هو مصدر الأخلاق والعزة والرحمة والعدل فلابد وأنه سيتعجب عندما يقول أحدهم أنه لا يجب نسب الدولة للدين وأنه يرفض أن يعيش تحت حكم ديني في "دولة الدينية" ! فهل نرفض دولة تقوم على الدين الذي هو منبع الأخلاق والعدل والعزة؟! 

يستخدم دعاة التيار الإسلامي ذلك التناقض بأقصى قدر من الذكاء عندما يوجهون خطابهم لدعاة التيار المدني بقولهم "أنه ليس في الإسلام دولة دينية" وأن "الدولة الإسلامية ليست دولة دينية" بينما يوجهون خطابهم للناس بأن أولئك الذين يرفضون دولة الإسلام هم الكفار والمنافقين وأعداء الدين 

هنا نجد إلتباسا غير مقصود في معظمه عند أغلب دعاة الدولة الإسلامية حيث يقومون بتعريف الدولة الدينية بإنها "الدولة التي يتولى فيها الحكم رجال الدين بتفويض إلهي" وبينما يقولون ببعض الصدق أنه ليس هناك ثمة "رجال دين" في الإسلام فلذلك لا معنى لرفض الدولة الدينية الإسلامية فهي ليست مثل الدولة الدينية المسيحية التي حكمت أوروبا وخربتها في العصور الوسطى 

يظهر جليا ذكاء المتحدث الإسلامي حيث يضرب عصفورين بحجر واحد ،، فهو من ناحية يلمز بقوة في الدين المنافس "المسيحية" ويظهر أن رجال ذلك الدين قد جلبوا الخراب والقهر على أوروبا ومن ناحية أخرى - وهو الأهم - يدفع بأن المشكلة التي تحلها مبادئ العلمانية هي مشكلة ليست موجودة أصلا في دولة الإسلام حتى نحتاج لها حل 

الحقيقة أنه وللوهلة الأولى قد نوافق على أن الإسلام لم يعرف "رجال الدين" الرسميون المنتمين لكنيسة حاكمة أو لجامع حاكم ، بل يشهد تاريخ الإسلام أن الجوامع كانت جامعة بالفعل لفقهاء مذاهب متعددة ولم يكن هناك إقتتال كبير بين المذاهب الإسلامية إلا في بضع حالات مثل الإقتتال بين الشيعة والسنة 

لكن من حقنا أن نتسائل عن ماهية أشخاص مثل "أبو اسحق الحويني" و"محمد حسان" وشيخ الأزهر - فضلا عن رجال الدين الشيعة - وغيرهم إن لم يكونوا رجال دين بالمعنى الفعلي للكلمة؟ فهم أشخاص مصدر رزقهم الوحيد هو الدين وكلما ازداد اقبال الناس على الدين كلما ازدادوا ثراء ونفوذا وسلطة في نموذج مشابه لما كان عليه الحال مع رجال الدين الكنسيين في العصور الوسطى، بل أن بعضهم - وإن كان لا يحكم الدولة - لكنه ينتمي لتنظيم سياسي ديني يقوم على الطاعة وتراتب القيادات لا يختلف كثيرا عن النظام الكنسي ولهم أب يرشدهم ويقبلون أصابعه مثلما كان يفعل رجال الكنيسة مع البابا

زد على ذلك وجود مرشح رئاسي - هو أيضا شيخ يكسب رزقه من الوعظ على أحد القنوات الفضائية - يقول أنه لن يفرض على النساء المصريات زيا بعينه "بل أن الله الذي فرض ذلك الزى" على حد قوله ، في تجلي صريح لمعنى "الحكم الإلهي" الذي يحتج الإسلاميون بأنه لا يوجد في الإسلام ولذلك فدولة الإسلام ليست دولة دينية

ولكن دعني أسأل سؤالا قبل ذلك ، ما العيب في "الدولة الدينية" حتى يهاجمها المتحررون ويتبرأ منها المحافظون؟ ما العيب في دولة تنتسب لقيم الأخلاق والعدل والكرامة التي هي أسس أى دين؟ 

أرد هنا بأن العيب ليس في انتساب الدولة للدين وللقيم التي تنبع منه - فعمليا لكل مجتمع قيمه وخصائصه التي تنبع منها قيم دولته - ولكن الكارثة تكمن في أن تنحاز الدولة لصالح رؤية أحد الطوائف الدينية في تطبيق تلك القيم ضد رؤى بقية الطوائف 

الكارثة تظهر جلية عندما لا يتوقف إيمان طائفة ما عند حدود أن ما تعتنقه من عقيدة هو الصواب ولكن عندما يتعدى إيمانها حدود الإيمان الذاتي ويطالب ذلك الإيمان من أصحاب تلك الطائفة تسخير وتذليل بقية الطوائف 

فمثلا بينما تعتقد أحد الطوائف الدينية في المجتمع - لا أناقش هنا حجم تلك الطائفة - أن تغطية شعر المرأة هو الحد الأدنى المقبول للأخلاق - وحق الإعتقاد حق أصيل لتلك الطائفة - وبينما لا تشاركها بقية الطوائف نفس الإعتقاد ، نجد الدولة الطائفية لا تقف على الحياد من كل الطوائف ولا تعطي حق الإعتقاد والإجتهاد بالتساوي للجميع ، بل تنحاز لرؤية طائفة بعينها وتسعى لفرض تلك الرؤية على المجتمع ككل ، ليس من منطلق مشاركة الجميع في اتخاذ القرار بل من منطلق صحة ما تعتقده تلك الطائفة دينيا بدون الحاجة لتبريره بمبررات دنيوية مقنعة للجميع 

فنرى سعيا حثيثا لصياغة إيمان تلك الطائفة في قانون يفرض ذلك الإيمان بنفس شكله وتفاصيله على بقية الطوائف 

هنا لا تكمن مشكلة الدولة الدينية في سعيها للعدالة و الكرامة والحرية وإنما في إعتمادها على مفهوم طائفي - تختص به طائفة دون أخرى - للعدالة والكرامة والحرية فتصبح دولة طائفية تقسم الحقوق على المواطنين ليس بصفتهم مواطنين وإنما تبعا لطوائفهم الدينية والعقائدية ،، فيصبح من حق تلك الطائفة وحدها تولي المناصب العامة ومن حق الطائفة الأخرى فقط دفع ضرائب أقل 

يصبح من حق تلك الطائفة -المسيحيين الأرثوذكس على سبيل المثال - بناء دور عبادتها - لإن دين الطائفة الأكبر يعطيها ذلك الحق - بينما يحجب ذلك الحق عن طائفة أخرى - البهائيين مثلا- لإنها في نظر دين الطائفة الأكبر لا تمتلك ذلك الحق 

يصبح من حق تلك الطائفة - السنية على سبيل المثال فرض آرائها وارادتها وعقيدتها على طائفة أخرى تختلف معها في المنهج - الشيعة مثلا والعكس صحيح بنفس القدر - رغم إشتراكهم في نفس الدين 

هنا تصبح الطائفية وليس الدين هي الخطر الحقيقي الذي يتهدد الدولة ويهدد الأمن والعدالة والحرية فيها حيث يحول الدولة من أداة لحماية حقوق الأفراد وتنظيم شئون حياتهم لأداة لكي تفرض الطائفة الأكبر عقيدتها وسلطانها على ماعداها من طوائف مما يدفع المجتمع في دوامة من التمييز والعنصرية وماينتج عنهم من كراهية وتشاحن بين شركاء الوطن وتنافس ليس على مقدار ما يقدمه كل منا لوطنه بل تنافس على قدرة كل طائفة على إخراس صوت ماعداها من طوائف والتحكم فيما تحويه ضمائرها 

يقول أحدهم أيضا أن بلادنا التي هي أبعد مايكون عن أن تكون دول دينية لم تخل من طائفية وأقول له إن هذا حق لإن الطائفية ليست محصورة في ذلك الشكل القديم للحكم الكنسي والذي يقول دعاة الطائفية في زماننا أنه لا يوجد عندنا الآن ، بل أن الطائفية درجات ،أشدها ما فعلته الكنائس الأوروبية في السابق وليس أقلها مايفعله دعاة الطائفية في بلادنا من التمييز بين طوائف المجتمع وتقطيعها شيعا متناحرة 

لكل ذلك أقول أحذروا الدولة الطائفية التي تتجمل وتختبئ خلف إسم "الدولة الدينية" المخادع 

أحذروا الطائفية التي تبدو جلية في خلفية كل جملة تدافع عن الحكم الطائفي بوصفه صحيح الدين 

أحذروا الطائفية، ولا يقولن أحدكم "دولة دينية" بل أسموها اسمها الحقيقي "دولة الطائفية".

Thursday, October 13, 2011

Die schweigende Mehrheit

ترجمة مقال "عن الأغلبية الصامتة أتحدث" ضمن اطار مبادرة لي لك للتواصل الثقافي التابعة لمعهد جوتة

Donnerstag, 13. Oktober 2011

Die schweigende Mehrheit


 
Ägypten. Die schweigende Mehrheit darf nicht ignoriert werden, behauptet der junge Aktivist und Blogger Ahmed Badawy.
Er fordert, dass sie ernstgenommen und gehört wird - ganz besonders von den sogenannten "Internet-Jugendlichen".
 
Einer meiner politisch aktiven Freunde hat sich vor ein paar Tagen über die „schweigende Mehrheit“ und ihr Recht zu wählen lustig gemacht. Er behauptete, dass die „schweigende Mehrheit“ ein Hirngespinst sei und er schmälerte die Rolle und Wichtigkeit der Wahlen – schließlich weiß er ganz genau, dass die Internet-Gemeinde keinen großen Einfluss auf die Wahlen haben wird. Er sagte: „Das ist eine Revolution, da gibt’s keine schweigende Mehrheit und geh‘ mir weg mit den Wahlen!“ und „Wie kannst du einem kleinen Kind ein Streichholz geben und sagen, das ist Demokratie?!“

Diese Einstellung hat mich extrem aufgeregt, schließlich hat er ganz unverhohlen der Geringschätzung eines Teils der politischen Aktivisten – die gemeinhin als Befürworter der Demokratie gelten – gegenüber dem ägyptischen Volk und der Demokratie Ausdruck verliehen. Er will nicht zugeben, dass es eine schweigende Mehrheit gibt oder zumindest respektiert er ihr Recht nicht, ihr Schicksal selbst zu bestimmen.
So als ob gerade aus dem Nichts eine neue soziale Schicht erschienen ist, welche sich von den anderen durch ihren fortschrittlicheren, scharfsinnigeren, klareren und größeren Verstand und Wissen unterscheidet – eine Schicht von „Internet-Jugendlichen“, welche der Meinung ist, dass es ihr zusteht, das Schicksal des Landes unter Monopol zu nehmen und den Rest der Mitbürger, welche zufällig mit ihnen das gleiche Land teilen, nicht aber den Cyberspace, zu verachten.

Obwohl ich theoretisch auch zu dieser „privilegierten Schicht“ gehöre, weil ich Blogger und einer der ersten und aktivsten politischen Sprecher auf Facebook, Twitter und anderen Seiten bin, sehe ich mich dennoch gezwungen diesen neuen Chauvinismus der Internet-Jugend zurückzuweisen, genauso wie diese kranke elitäre Überheblichkeit, die eine Person dazu bringt, zu denken, dass sie mehr Rechte als andere besitzt, nur weil sie ein Account in einem sozialen Netzwerk besitzt oder weil sie so viel Freizeit hat, um sie in den Cafés von Cairo-Downtown totzuschlagen.

Meine Aktivisten-Freunde vergessen etwas sehr Wichtiges – sei es absichtlich oder aus fehlender Erfahrung: Es ist unmöglich, die Meinung der schweigenden Masse bei der Verwaltung der Landesangelegenheiten zu ignorieren. Ich persönlich kann nicht ignorieren, dass zu der schweigenden Mehrheit mein Vater, Anwalt und altes Mitglied der NDP, meine Mutter, die Angestellte ist und die mit mir eines Tages ihre Unterschrift für die Gründung der oppositionellen Ghad-Partei von Aiman Nour gegeben hat und dennoch manchmal glaubt, dass Nour die Unterschriften wirklich gefälscht hat [wegen diesem Vorwurf saß Nour unter Mubarak mehr als drei Jahre im Gefängnis] und mein Bruder, der sich für nichts anderes als Fußball interessiert und der die Präsidentschaftkandidatur Amr Moussas unterstützt, gehören.

Die Einstellungen dieser Drei sind lebendige Beispiele für den Begriff „die schweigende Masse“. Sie haben nie einen Blog oder einen Account bei Twitter besessen und sie gehören auf keinen Fall zu den ständigen Talkshow-Gästen, die im Fernsehen über die Zukunft des Landes debattieren. Und obwohl sie die meiste Zeit gegen politischen Aktivisten waren, hat das meinen Vater und meine Mutter nicht davon abgehalten, an den Protestmärschen am „Tag des Zornes“ teilzunehmen, sich den Tränengasbomben entgegenzustellen und auf dem Tahrir-Platz während der Millionen-Märsche dabei zu sein und es hinderte meinen Bruder nicht daran, sich in den Nachbarschaftswachen zu engagieren, auf die Revolution, die Revolutionäre und die Zerstörung zu schimpfen und Wael Ghonim zu beschuldigen, ein Freimaurer zu sein, obwohl er gar nicht weiß, was das Wort eigentlich bedeutet und dann bei dem Referendum teilzunehmen und „Ja zur Stabilität“ zu sagen, obwohl er, seitdem er vor Jahren die Uni verlassen hat, noch keinen festen Job gefunden hat.

Diese Leute sind die schweigende Masse. Sie müssen nicht unbedingt die ganze Zeit in einer bestimmten Haltung verharren, gegen die Revolution, für oder gegen die Muslimbrüder oder die Liberalen sein, aber sie wollen auf jeden Fall, dass Ägypten eine bessere Heimat für sie und ihre Kinder wird. Sie sorgen sich um Ägypten, selbst wenn sie es das eine oder andere Mal schon verflucht haben.

Sie sind mündige und mit allen Rechten ausgestattete Bürger und es geht nicht an, dass irgendjemand, egal welche Rolle er hat oder wie wichtig er ist, versucht, sich über sie hinwegzusetzen, so als ob sie nicht vorhanden sind. Genauso töricht, wenn nicht gar verbrecherisch, ist es, wenn wir uns über sie lustig machen oder ihr legitimes Recht ignorieren, an der Verwaltung der Staatsgeschäfte durch Wahlen und durch die Auswahl derjenigen, die das Land nach ihren Vorgaben für sie regieren sollen – und nicht etwa nach Vorgaben, die wir für sie festlegen – teilzunehmen.

Ahmed Badawy

Übersetzt von Fabian Ledwon