Friday, May 10, 2013

من يعرف الدنيا يعرف الله

يتهمونني بالإلحاد - رغم أنها قناعة خاصة لا تعني أحدا في شئ وليست تهمة أصلا - لكنني أزعم أنني أكثر إيمانا من معظم أولئك الذين يصفونني بالملحد

سافرت أكثر من دستة دول وتعاملت مع نخبة البشر وعامتهم من عشرات المجتمعات البشرية من أقصى الشمال لأقصى الجنوب ومن الغرب للشرق ،، قرأت آلاف القصص والروايات وشاهدت آلاف الأفلام الروائية والوثائقية والقصيرة, العلمية والخيالية والكوميدية والتراجيدية ، الناجحة والبائسة ، هضمت الآلاف من الكتب وتعسر علي هضم آلاف غيرهم , قرأت ملايين الأخبار وفاتني قراءة مليون ضعف ،،، كانت تجربتي مع النساء متنوعة رغم سطحية معظم علاقاتي ،، وقفت في مواقف مؤلمة ومربكة كثيرا وكثيرا ما أعدت حساباتي أحيانا كثيرة بشكل جذري ,, لم يكن عمري وقتا مستقطعا أو ضائعا ولذلك أزعم أنني أكثرهم إيمانا ،، فكلما تعلمت عن الدنيا أكثر كلما اقتربت من الله أكثر ،، فما الدنيا إلا لمحة من لمحات قدرته وشموله ،،، كل فيلم شاهدته ، كل انسان قابلته وترك فيك بصمة , كل رواية قرأتها وعشت فيها , كل نغمة سمعتها , كل لوحة تأملت تفاصيلها وسرحت بخيالك فيها , كل نفس مبهور يتردد في صدرك اجلالا لجمال امرأة عابرة أو عشقا لإمرأة مستوطنة في قلبك , كل ضحكة طفل تغير حالك من حال إلى حال , كل معلومة تفتح آفاق عقلك لأفق جديد, كل فسحة تقضيها بين نسائم الطبيعة , كل ذكريات طفولتك , بل كل لحظات عمرك , بل كل آلامك واحباطاتك ومخاوفك ،،، كلها كلها لمحات لروعة الله ،،، كلها كلها لمحات تتجاوز قدرة المفاهيم القديمة على الحصر مهما أبدعت , فلكل عصر لغته ولكل مجتمع احتياجاته ونظامه القيمي الذي يلبي تلك الإحتياجات ويسبغ على قيمه - بحكم الحاجة - قداسة ولكل انسان تصوره - الذي ينبع بالأساس من رؤيته لنفسه ومحيطه - عن كينونة الله

وما أنا إلا انسان يحق لي كأى انسان آخر أن يكون لي تصور خاص بي عن الله وكينونته وحكمته وأقداره ولا يحق لأى أحد آخر أن يراجع رؤيتي وفقا لرؤيته أيا ماكانت ، فالله - أو بمعنى أدق تصورات البشر له - ليس حكرا على شخص أو قبيلة أو ديانة أو دولة

من يعرف الدنيا يعرف الله ، من يجهل الدنيا يجهل الله ويعلم فقط مايريد له آخرون أن يعلمه ،،، من يعرف الدنيا يعرف الله , من يعرف الكتب المكتوبة عن الله وعلى لسانه فقط سوف يعرف كيف كان أصحابها يعرفونه وكيف كانت مجتمعاتهم تصيغ قيمها في قوالب مقدسة مهما اتسعت ستضيق على أن تحصر الله وشموله في ألفاظ محددة

No comments: