Tuesday, October 16, 2007

قصة قصيرة ... كل ليلة


16 - 10 - 2007

يأوى الى فراشه كل ليلة وحيدا ... بعد يوم شاق او غير ذلك , محزونا أو مسعودا لا يهم فكلها تفاصيل جانبية .
يأخذها بين ذراعيه – وسادته – و يريح رأسه عليها ... يطوقها تماما حتى يكاد يشعر بدفئها التى اكتسبته منه دفئا ذاتيا نابع منها.
أحيانا تسيل دموعه ببطأ و مرارة من عينيه على وجهه و عليها – الوسادة – حزنا على وحدته أو على خيبات امله المتكررة دوما ... قد يشعر بانقباض قلبه المليئ بالاحباطات و الجروح قديمها و حديثها ... أو قد لا يشعر و لكنه على كل حال يقوى ضمة ذراعيه حولها – الوسادة – و يتخيلها حبيبته التى يبثها مشاعره و أشواقه و حزنه ... غالبا ما لا يستطيع أن يرسم لها وجه معين فى خياله و لكنه لا يفكر فى ذلك
أحيانا ما يقبلها – الوسادة – ببطأ و حنان مخزون فى أعماق قلبه و يكاد يشعر بنعومة ملمسها و عذوبته على شفتيه ... يتوهم جيدا – لأنه أصبح ماهرا فى لعبة الأوهام هذه - أنها امرأته – زوجته - فهو يعلم يقينا أنه لن يمس امراة لا تحل له و لو اضطر لذلك
يقبلها و يتلمسها بأطراف أصابعه – الوسادة – كأنما يخشى أن يجرحها ... يظل على هذه الحال حتى يبثها بذرة نسله ثم ينتهى به الأمر و رأسه مستريحة على صدرها الحنون و يغمض عينيه و ينام أو يغيب عن الوعى – اذا كان حظه حسنا هذه الليلة – دون أن يتذكر حقيقة أنه لا يضم بين ذراعيه سوى جسدا من قماش و قطن و ليس رفيقة من بنى البشر
أحيانا أخرى يأوى للفراش سعيدا - لسبب أو لآخر - و هو يشعر بالعنفوان و تملؤه الرغبة و تتصاعد اثارته و هو يتخيل كلمات عشق رومانسية و أمور أخرى مبهجة يخبرها بها – الوسادة – و يتخيل ابتسامتها و ردودها الجميلة و وجهها البشوش رغم أنه لا يزال دون ملامح محددة أيضا
يحتضنها بقوة و رجولة يريدها أن تشعر بها و تستمتع بها لتحبه أكثر و تتعلق به اكثر
يتخيل الأمر هذه المرة كما لو أنه حقيقى تماما
يتخيل خجلها فى البداية ثم اقترابها منه و تطويقها له بحنان و رقة ثم امتزاجهما معا
يتخيل تأوهاتها الخافتة الناعمة و رائحتها العطرة
يتخيل تلك اللحظات التى تتوقف فيها عن التنفس و تغمض عينيها تماما كما قرأ فى تلك الكتب عندما كان مراهقا
يصل به الخيال و قد وصلا للذروة معا و ذابا فى عالم آخر بلا حدود و ان كان دائما ما يقطع خياله – فى هذه اللحظة بالذات - أى فكرة اخرى كأن يتذكر مكان النقود التى أضاعها فى المدرسة منذ عشرة سنوات ... احتار تماما فى معرفة سبب هذا التشويش !! و لكنه اقنع نفسه بأنه لابد عندما يكون الأمر حقيقة و ليس خيالا فأنه لن يسمح لأى أفكار مثل هذه أن تقطع عليه تلك اللحظة
ثم يتخيل يده و هى تعبث فى خصلات شعرها و هو ينظر لابتسامتها الودود – على وجه دون ملامح - فى رضا و سعادة
يحتضنها بقوة مرة أخرى – الوسادة – و يتخيل أنها هى الأخرى تحتضنه كما يحتضنها ... ثم يستيقظ فى الصباح دائما ليدرك أن قد مرت عليه ليلة أخرى من التخيلات بلا أمل أو رجاء
و يتمنى وقتها فقط لو أنه كان أكثر حماقة أو أغزر جهلا لكى لا يدرك حقيقة أن كل يوم يمر لن يعود مرة أخرى.

6 comments:

Anonymous said...

نفس الاكتشاف يكتشفه نصف شباب وبنات البلد كل ليلة
انه العمر عندما يمر
عندما يصير مجرد ليلة تلو الاخرى
على الاقل مازال البطل يحلم

^ H@fSS@^ said...

اه يا بدوي الاول عشر
من منا لا يحلم كل ليلة بما يفتقده و يتهيا له انه حصل عليه في حلمه
فقط
كي يصحو في النهار التالي ليعرف انه لم يحصل على ما حلم به بالامس و انه لن يحصل عليه الا بعد مشقة و يضطر ان يستانف يومه على امل حلم

تدوينة صادقة و حقيقية
ارفعلك قبعتي
تحياتي

Anonymous said...

احمد
هيجى وقت وتتبدل الوساده بأنسانه
بس انتا عارف اكتر حاجه تخنق ايه ؟؟
انك مش هتحس الاحاسيس الصادقه دى كلها وهو مكان الوساده انسانه
!!
والانسانه مش موجوده انتا مشتاق أليها ..لكن لو هى موجوده بدل من الوساده ..هتزهق منها أولا لأن دى طبيعه البشر ...ثانيا ان الانسانه دى مش هتكون زى الوساده ساكته وملهاش اى طالبات
بس تعرف
انتا احساسك عالى اوى
يارب مش يكون واطى لما تتبدل الوساده بأمرأه

.طلاب عين شمس said...
This comment has been removed by the author.
.طلاب عين شمس said...

احمد انا كتبت ليك تعليق بس بعد ما كتبته بدل ما انى اكتب اسمى او اسم المدونه كتبت قريبا
عبيط انا يا ولدى
:D
مش مهم المهم انى اللى كنت عايز اقوله ليك قولته ...وهو مكتوب تحت كلمه
قريبا

wael omran said...

و يتمنى وقتها فقط لو أنه كان أكثر حماقة أو أغزر جهلا لكى لا يدرك حقيقة أن كل يوم يمر لن يعود مرة أخرى

ههههه , مش عارف اضحك و لا ابكى ؟
انت مش بتفكر ليك و بس انت مش انسان واحد و بس انت فئه مكونه من اكثر من مليون بشرى
----------------------------------
ممكن علشان المخده مهاوده و مش بتدى اى تعبير ؟
و ممكن يكون كمان علشان انه بيفكر بعقله و بس عقله بيهيئله البيئه المساعده فقط و بعض التحابيش و شوية شطه , لكن الواقع يختلف لكنك هتعيشه و بعد ما الواقع يكون ماضى هتندم عليه ..... دى طبيعة البشر