سأشرح لكم تحول العقل فى مراحله الثلاث فأنبئكم كيف استحال العقل جملا و كيف استحال الجمل أسدا و كيف استحال الأسد فصار طفلا
يفتش العقل السليم عن أثقل الأحمال فينيخ - كالجمل - ظهره متوقعا رفع خير حمل اليه
إن العقل السليم ينادى كالأبطال قائلا : أى حمل هو الأثقل لأرفعه فتغتبط به قوتى ؟ أفليس أثقل الأحمال هو فى الاتضاع لأنزال العذاب بالغرور ؟
افليس أثقلها أن يظهر الانسان اختلالا لتظهر حكمته جنونا ؟
أم اثقلها فى أن يتخلى الانسان عن مطلب حين يقترن هذا المطلب بالنصر ؟ أم فى ارتقاء قمم الجبال لتحدى من يتحدى ؟
أم أثقلها فى الانحدار إلى المياه القذرة اذا كانت الحقيقة فيها و الرضا بملامسة الضفادع اللزجة و العقارب التى تقطر صديدا ؟
أم أثقلها فى محبة من يحتقرنا و مد اليد لمصافحة شبح يقصد إدخال الرعب إلى قلوبنا ؟
إن العقل السليم يحمل ذاته جميع هذه الأثقال المرهقة و كالجمل الذى يسارع إلى طريق الصحراء عندما يرفع الوقر عن ظهره هكذا يندفع هو أيضا نحو صحراءه
و هنالك فى الصحراء القاتلة يتم التحول الثانى إذ ينقلب العقل أسدا لأنه يطمح إلى نيل حريته و بسط سيادته على صحراءه
و فى هذه الصحراء يفتش عن سيده ليناصبه العداء كما ناصب سيده السابق , فهو يستعد لمكافحة التنين و التغلب عليه .. و من هو هذا التنين الذى يتمرد العقل عليه فلا يريد بعد الآن أن يرى فيه ربه و سيده ؟
إن التنين هو كلمة "يجب عليك"و عقل الأسد يريد أن ينطق بكلمة "أريد"
إن كلمة "الواجب" تترصد الأسد على الطريق تنينا يدرّع بآلاف الأصداف و على كل قطعة منها تتوهج بأحرف مذهبة كلمة "يجب عليك"
و على هذه الأصداف تتوهج شرائع الف عام و التنين الأعظم يعج قائلا إن جميع الشرائع تتوهج على , كل ماهو سُنّة قد أوجد من قبل
و بى تتمثل كل السنن الكائنة , و الحق أن كلمة "أريد" يجب الا ينطق بها أحد بعد ! هكذا قال التنين
فأية حاجة لكم أيها الأخوة بأسد العقل ؟ أفما يكفيكم الحيوان القوى الجليل الممنع بإمتناعه ؟
إن الاستيلاء على حق إيجاد سنن جديدة يقضى بالجهاد العنيف على العقل الخشوع الصبور , ولا ريب أن فى هذا الجهاد قسوة لا يتصف بها إلا الحيوانات المفترسة
و لكن ماهو العمل الذى يقدر عليه الطفل بعد أن عجز الأسد عنه ؟ و لماذا يجب ان يتحول الأسد المكتسح إلى طفل ؟
ذلك لأن الطفل طهر و نسيان , لأنه تجديد و لعب و عجلة تدور على ذاتها .. فهو حركة البداية و عقيدة مقدسة .... أجل ايها الأخوة , إن العمل الالهى للإبداع يتطلب عقيدة مقدسة
هكذا قال زارا و كان فى ذلك الحين مقيما فى مدينة اسمها البقرة عديدة الألوان
--------------
من كتاب هكذا تكلم زرادشت للفيلسوف الألمانى المجنون نيتشه
يفتش العقل السليم عن أثقل الأحمال فينيخ - كالجمل - ظهره متوقعا رفع خير حمل اليه
إن العقل السليم ينادى كالأبطال قائلا : أى حمل هو الأثقل لأرفعه فتغتبط به قوتى ؟ أفليس أثقل الأحمال هو فى الاتضاع لأنزال العذاب بالغرور ؟
افليس أثقلها أن يظهر الانسان اختلالا لتظهر حكمته جنونا ؟
أم اثقلها فى أن يتخلى الانسان عن مطلب حين يقترن هذا المطلب بالنصر ؟ أم فى ارتقاء قمم الجبال لتحدى من يتحدى ؟
أم أثقلها فى الانحدار إلى المياه القذرة اذا كانت الحقيقة فيها و الرضا بملامسة الضفادع اللزجة و العقارب التى تقطر صديدا ؟
أم أثقلها فى محبة من يحتقرنا و مد اليد لمصافحة شبح يقصد إدخال الرعب إلى قلوبنا ؟
إن العقل السليم يحمل ذاته جميع هذه الأثقال المرهقة و كالجمل الذى يسارع إلى طريق الصحراء عندما يرفع الوقر عن ظهره هكذا يندفع هو أيضا نحو صحراءه
و هنالك فى الصحراء القاتلة يتم التحول الثانى إذ ينقلب العقل أسدا لأنه يطمح إلى نيل حريته و بسط سيادته على صحراءه
و فى هذه الصحراء يفتش عن سيده ليناصبه العداء كما ناصب سيده السابق , فهو يستعد لمكافحة التنين و التغلب عليه .. و من هو هذا التنين الذى يتمرد العقل عليه فلا يريد بعد الآن أن يرى فيه ربه و سيده ؟
إن التنين هو كلمة "يجب عليك"و عقل الأسد يريد أن ينطق بكلمة "أريد"
إن كلمة "الواجب" تترصد الأسد على الطريق تنينا يدرّع بآلاف الأصداف و على كل قطعة منها تتوهج بأحرف مذهبة كلمة "يجب عليك"
و على هذه الأصداف تتوهج شرائع الف عام و التنين الأعظم يعج قائلا إن جميع الشرائع تتوهج على , كل ماهو سُنّة قد أوجد من قبل
و بى تتمثل كل السنن الكائنة , و الحق أن كلمة "أريد" يجب الا ينطق بها أحد بعد ! هكذا قال التنين
فأية حاجة لكم أيها الأخوة بأسد العقل ؟ أفما يكفيكم الحيوان القوى الجليل الممنع بإمتناعه ؟
إن الاستيلاء على حق إيجاد سنن جديدة يقضى بالجهاد العنيف على العقل الخشوع الصبور , ولا ريب أن فى هذا الجهاد قسوة لا يتصف بها إلا الحيوانات المفترسة
و لكن ماهو العمل الذى يقدر عليه الطفل بعد أن عجز الأسد عنه ؟ و لماذا يجب ان يتحول الأسد المكتسح إلى طفل ؟
ذلك لأن الطفل طهر و نسيان , لأنه تجديد و لعب و عجلة تدور على ذاتها .. فهو حركة البداية و عقيدة مقدسة .... أجل ايها الأخوة , إن العمل الالهى للإبداع يتطلب عقيدة مقدسة
هكذا قال زارا و كان فى ذلك الحين مقيما فى مدينة اسمها البقرة عديدة الألوان
--------------
من كتاب هكذا تكلم زرادشت للفيلسوف الألمانى المجنون نيتشه
No comments:
Post a Comment