Tuesday, November 13, 2012

الدوجما العلمانية وأصول الفشل



الهزيمة بيبقى طعمها لذيذ لما تكون مغلفة بموقف بطولي استشهادي ولو وهمي وملوش أى أساس من الصحة , وعشان كدة أستمرأ العلمانيين المصريين الهزيمة وأستمتعوا بيها أيما أستمتاع

أنت كعلماني حابب تحس إنك بطل مضطهد صاحب رأى أمام الجحافل الظلامية اللي بتحاربك وبتهدد وجودك , بينما في الحقيقة أنت واحد قاعد عالقهوة مكسل تتعب في الشارع وتسمع مشاكل الناس وتبني معاهم علاقات وتتعب في ابتكار حلول من ثقافتك ودماغك لمشاكلهم فعمال تنظر على خلق الله بمشاكل لاتعنيهم في شئ وبتستسهل أنك تجيب الحلول اللي أتحلت بيها مشاكل مشابهة في مجتمعات مختلفة وبتدعي أنها حلولك أنت بينما كونها حلول نبعت من واقع مختلف لمجتمع مختلف له تاريخ مختلف وغالبا بتبقى سارقها من فترة زمنية مختلفة فالنتيجة أن حلولك بتكون منبتة الصلة عن الواقع ومع انعزاليتك المسرحية عن الناس فلا أنت بتسمع رد الناس على حلولك لإنك مش عاوز تسمع وعاوز تعتبر الكل جهلة أغبيا لايستحقوا أنهم يناقشوا أفكارك العبقرية العظيمة المسروقة من حد كان عظيم في مجتمعه وفي زمنه ولا الناس أصلا بتسمعك لإنهم ميعرفوش أنك موجود لإن كلامك لايعني ليهم شئ في واقعهم اليومي ولايمس أى عصب في مشاكلهم الحقيقية

يتلذذ العلماني بالفشل المغلف بالبطولة والاستشهاد - ولا أعني هنا بالعلماني أنه الشخص المؤمن بإستقلالية الدولة عن الدين والمؤمن بإستقلالية الدين عن الدولة , وإنما أعني بالعلماني هو الشخص الذي جعل من العلمانية مقصدا وغاية وسقفا للأفق فتحول لدوجمائي يطنطن طوال الوقت عن العلمانية ليستفيد من مظهر المفكر المغوار الصنديد وهو لا يفهم لماذا أصلا أخترعت البشرية العلمانية ولا يتصور أن شخصا يمكنه ان يفصل في تصرفاته بين إعتقاده الشخصي الديني وبين تصرفاته وقراراته ورؤاه في المجال العام

لا أعني بالعلماني ذلك الشخص الذي يؤمن بتلقائية أن اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع ولكن أعني بكلمة "علماني" هنا النظير العكسي للفظة "إسلامي" ،، والإسلامي هو ذلك الذي يجعل الشريعة دوجمته الخاصة التي يتخيل أن لا صلاح ولا عدالة ولا اسلام إلا بها ولا يمكنه أن يتخيل أن شخصا يؤمن بالله وبأن محمد رسول منه ثم يرفض أن تفرض الطرحة على الفتيات! ،، ذلك الإسلامي الذي يقدس شيوخه حتى العبادة قل لي فيما يختلف عن ذلك اليساري الذي يرفض أن تنتقد رموز الفكر اليساري ولو بحرف ,, ذلك الإسلامي الذي يبرر كل شئ للمرشد قل لي فيما يختلف عن ذلك الليبرالي الذي يبرر كل شئ لشفيق أو البرادعي أو حمدين صباحي!

أصف نفسي بأنني "علماني" بمعنى أنني لا أؤمن بأحقية المفاهيم الدينية الغيبية الغير خاضعة للاثبات المنطقي أن تكون من مصادر الجدل السياسي المنطقي ولا أن تكون الغيبيات حجة على المعلومات ولكنني أرفض تماما أن تكون "العلمانية" كمصطلح هي هدفي الأسمى في الحياة التي يجب أن أموت من أجلها جالسا وفي يدي الشيشة وفي يدي الأخرى موبايل أسب عن طريقه الإسلاميين الظلاميين

أرفض الدوجما الإسلامية التي تصنف الواقع بسذاجة لفسطاطين أبيض وأسود وأرفض بنفس الموضوعية الدوجما العلمانية التي تصنف الواقع بسذاجة أيضا لفسطاطين أبيض وأسود, بل هي سذاجة أسوأ كونها صادرة عمن يدعون أنهم أهل العقل , وما أدعوا ذلك إلا لأن من يسرقون منهم أفكارهم كانوا يسمون في زمانهم أهل العقل

ما أسهل وأمتع أن تجلس لتعاير أهل بلدك بأنهم أقل علما وثقافة وحرية وليبرالية من أهل انجلترا دون أن تدري - لخيبتك - أن انجلترا لم تصبح دولة حرة علمانية إلا على أعناق ودماء آلاف المفكرين الذين بذلوا أرواحهم وأعصابهم وأموالهم فداء لما يؤمنون به بينما أنت لا ترغب في أن تضحي ببعض من رفاهيتك لتعمل مع أولئك "الغير أحرار" أو حتى تحاول التفاهم معهم

فقط أقرءوا كتاب "مرض الطفولة اليساري" حتى تدركوا كمية اصطناعكم وتفاهتكم أيها "الإسلاميون" وأيها "العلمانيون" ,, أقرأ يا من تلعن معي الدوجما وتدبر في حال أهل الدوجما

أعلم أن الكثير من أصدقائي العلمانيين سوف يتحسسون أقفيتهم بعد قراءة ذلك المقال ولكنني أدعوهم لألا يقلقوا ، فأنت أن تحسست قفاك فذلك يعني أنك قد فهمت المكتوب وربما يكون الفهم أول طريق تغيير خطوات الفشل ,,, أما لو أنك قد أتخذت وضعا دفاعيا غاضبا عن العلمانيين الشرفاء المقهورين ضحايا وحشية المجتمع فأعلم أن طريقك للفشل لانهاية له ، تحياتي


مقالات ذات صلة
التيار العلماني أحسن ولا الاسلامي؟ .. مصر القوية
http://bad-way.blogspot.com/2012/11/blog-post_11.html

الوهم الاسلامي الجديد - قراءة في مصطلحات المرحلة
http://bad-way.blogspot.com/2012/11/blog-post.html

صراع الإله ثور من أجل البقاء
http://bad-way.blogspot.com/2012/09/blog-post_16.html

ثنائيات العقل
http://bad-way.blogspot.com/2012/09/blog-post_22.html

بلد العشرة في المية
http://bad-way.blogspot.com/2012/08/blog-post_22.html

لا تيأسوا من روح الله , فالله غالب
http://bad-way.blogspot.com/2012/08/blog-post_8.html

العقل والعاقل
http://bad-way.blogspot.com/2012/08/blog-post_7682.html

المثقف والعولمة واسرائيل
http://bad-way.blogspot.com/2012/08/blog-post_20.html

مناقشة عن الليبراليين في مصر
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_18.html

نهاية الاسلام السياسي في مصر
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_31.html

عزيزي العلماني , عزيزي الإسلامي و بطلوا أفورة
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_9998.html

خواطر عن الاسلاميين واليساريين والليبراليين
http://bad-way.blogspot.com/2012/06/blog-post_6394.html

عزيزي الناصري بشرطة , أقبل توبتك
http://bad-way.blogspot.com/2012/05/blog-post.html

بين أرض الواقع والفضاء التنظيري
http://bad-way.blogspot.com/2012/03/blog-post.html

قل الدولة الطائفية ولا تقل الدولة الدينية
http://bad-way.blogspot.com/2011/10/blog-post_23.html

No comments: