Monday, February 25, 2008

الثنائية المفسدة .. السياسة فى الدين

pقلت من قبل ان كل مجموعة بشرية يجمعها ايمان دينى معين تؤمن ايمانا راسخا بأنها شعب الله المختار التى فضلها على العالمين و كل أهل مذهب يعتقدون أنهم الفرقة الناجية و ان الباقى لن يصلوا الى ملكوت السماء و لهم جهنم و بئس المصير

كل أهل دين او ملة أو مذهب معين يرون أنفسهم محظوظين مختارين من قبل الله و مرفوعين درجات عمن سواهم من الكاذبين أو على أخف تقديرالضالين عن الطريق القويم الذى هو -بالمصادفة - الطريق الذى يؤمنون هم به و فقط

الأمثلة لا يمكن أن تحصى لسبب بسيط ... لأنه كلما اجتمع مجتمع على دين او على رافد ايمانى معين لجميع أعضاؤه لابد أن يخرج منهم من يغير و يطور من هذا الدين او المذهب أو االطريقة التى يتبعها الباقون و لو طال الزمن ... لابد أن يوجد من يفكر بطريقة أخرى و طريقة مختلفة و يدعو لما يؤمن هو أنه الصواب و لو كان الاختلاف فى الفروع

البوذية - الهندوسية - اليهودية - المسيحية - الاسلام - الاشتراكية - الفلسفات ... كلها أمثلة لنظم دينية أو فكرية معينة
الأرثوذكسية - الشيعة - الكاثوليكية - السلفية - البهائية - العبرانية - الشيوعية - السنة - الاسماعيلية - الشافعية - البروتستانتية - الحنبلية - المارونية .... الخ كلها أمثلة لا تنتهى لتنويعات و اختلافات على أنماط و نظم التفكير الدينى

قلت أيضا أن كل أهل دين أو معتنق يتدرجون ما بين التشدد و التراخى ... حتى الذين لا يؤمنون بالله من الأصل ليسوا كلهم فى قالب واحد من التفكير هناك من لايؤمن بالأديان و يؤمن بالله و من لا يؤمن بالله و لكنه يؤمن بالروحانيات و الكثير و الكثير

كل مجموعة تحصل على لقب (أقلية) تشعر بالأضطهاد و تشعر بحاجتها للمقاومة و كل مجموعة تفوز بلقب الأغلبية تسعى للسيطرة و التحكم فى حياة بقية المجموعات على حسب معتقداتها (الأغلبية) ... لا تفرق كثيرا بين حرق المساجد فى الهند أو صربيا و بين حرق الكنائس فى الصعيد أو الأسكندرية أو تفجير مساجد الشيعة و السنة فى العراق و بين منع الحجاب فى فرنسا و فرض النقاب فى السعودية و تعطيل الكنائس فى الاتحاد السوفيتى

برغم أن أحترام الأديان و المعتقدات الأخرى يدعى الجميع أنه فى قلب كل دين و منابعه الا أن التطبيق على أرض الواقع يرينا العكس تماما لأنه لا يخضع للدين من حيث هو علاقة بين الانسان و ربه بل يخضع للسياسة من حيث هى وسيلة للسيطرة و بسط نفوذ و البحث عن المصلحة ليس اكثر

هنا تفسد السياسة الدين و تدمره من داخله ... حيث يتحول الايمان بالدين الى ايمان بالمذهب و الايمان بالمذهب الى التعصب و تتحول الدعوة من الدعوة الى عبادة الله الى الدعوة لعبادة الفقهاء و الأمراء ممن يسيطرون على العدد الأكبر من الأتباع و يتحول الدين أو المذهب الى حزب سياسى كل همه تجييش أكبر عدد من الأتباع و الحصول على طاعتهم و ثقتهم و لو بالكذب و التلون أحيانا كثيرة و تتحول المساجد و الكنائس الى مراكز انتخابية يجيش فيها أمراء كل مذهب أنصاره و يشحنهم للفتك أو طرد أو مقاطعة ((الأعداء)) أو المنافسين من أصحاب المذهب الآخر أو الدين الآخر
(أخبرنى صديق يميل للأخوان و ان كان يخشى الانضمام لهم خوفا من بطش الحكومة كيف حضر موقعة رفع فيها أحد السلفيين -- المذهب المنافس لمذهب الأخوان الآن فى مساجد مصر و فضائياتها -- كارت ضابط أمن الدولة و هددهم بالاتصال به لأنهم يقومون بتحفيظ القرآن فى المسجد)
هنا تحول المسجد الى ساحة للمنافسة بدلا من أنه جامع للمسلمين يجمعهم و تحول تحفيظ القرآن الى وسيلة للاستقطاب و التجنيد بدلا من كونه وسيلة لفهم أفضل للاسلام و قرب أكثر من الله

هنا يتحول الايمان بالله من دعوة للحب و التسامح و الأخوة الى الدعوة للانغلاق و الكراهية و الشك و يتحول البحث الفقهى من بحث عن الحقيقة لوجه الله الى بحث عن نقاط قوة لتدعيم كل حزب على حساب الحزب الآخر و لا أنسى تعليق أحد شيوخ السلفية على راى أحد العلماء الكبار بأن النقاب ليس من الواجبات فى الإسلام بأن هذا من الحق الواجب اخفاؤه

و هنا تظهر ظواهر دعائية سخيفة تبدو و كأنها لخدمة الاسلام و الدعوة اليه و هى فى الحقيقة لخدمة الأمراء الجدد و حشد الأنصار بعيدا عن العقل و الايمان الصافى بالله ........ هنا يظهر من ظواهر القرون الوسطى ما يعادى المنطق و العقل مثل ظاهرة الواعظ اللعبة و الشجرة الناطقة و العفريت المسلم ... و يخبرنا التاريخ بانه كلما زادت مظاهر التدين المظهرى كلما بعد الناس عن الايمان و العمل الصالح و كلما زادت المفاسد و كلما أصبح الانهيار وشيكا

قلت من قبل أن السياسة نجاسة و هى ان اختلطت بالدين و الايمان أفسدته و دمرته من داخله و أسقطته ..... سوف يأتى اليوم الذى ينتصر فيه العقل على الخرافة يسود العلم على العقل ( و سيحدث هذا فى بلادنا ان عاجلا او آجلا شئنا أم أبينا ) و ان لم ننقى الدين من الخرافات التى يلحقها به سياسيوه و أمراؤه طوال الوقت لمكاسب وقتية سريعة لهم و لو لم يرجع صافيا بعيدا عن الأهواء و المطامع لسقط و انفض الناس من حوله .... و لجاء اليوم الذى لن يفرق فيه الناس بين ما هو خرافة مدسوسة على الدين و ماهو صحيح الدين (خصوصا طبعا لو وصل أولئك الأمراء الى الحكم الفعلى و فشلوا و انهار حكمهم) و سيبحث الناس وقتها عن ايمان جديد يعتنقوه

لنقف جميعا ضد تحويل ايماننا الى عضوية حزب يحارب بقية الأحزاب .... فالأحزاب مهما طالت تسقط و الايمان بالله هو الباقى

10 comments:

Anonymous said...

انا اتفق معاك فى حاجات واسمحلى اختلف معاك فى حاجات تانية
يعنى انت قلت ان كل جماعة دينية بتفتكر انها الصح وتملك الحقيقية المطلقة بس انا اختلف معاك. انا شايف ان السبب فى دة هو جهل المجتمع بدينهم وعدم الاعتراف بالحق بس بدليل ان فى اية فى سورة البقرة بما معناها ان المومنين والصائبين وبقيت الدنيات ربنا اللى هيحسابهم يوم القيامة
فكدة معنى الاية على حسب فهمى ان مش حقنا اننا نكفر حد او نقول انة من اهل الجنة لان ربنا اللى هيحاسب فى الاخرة وما ينفعيشى ساعتها ان الناس تتحايب مرتين لان الدنيا عمل بلا حساب والاخرة حساب بلا عمل

Anonymous said...

تانى حاجة راى بالنسبة لخلط الدين بالسياسة انا معنديش مانع فى حالة وجود مجتمع واعى ومثقف دينيا بالحد الادنى المطلوب للثقافة وتانى حاجة ان يكون عندك مجتمع ديمقراطى عارف حقوقة السياسية فى الحالة دة مش هيظهر جماعة سياسية تعرف تضحك على الناس بالدين ولا هتقدر تحتكر الدين لنفسها وتفرض نفسها على ان هى بس اللى معاها المفتاح والحل السحرى وهوان الاسلام هو الحل
وهتلاقى ان رجال العلم او الدين بيقوموا بواجبهم الحقيقى من غير تاشير من السلطة زاى ما كان بيحصل زمان ايام العز ابن عبد السلام ساعة ما الخلفية اراد الشيخ ان يطلعلة فتوى على المقاس فالعز ابن عبد السلام رفض وقال الفتوة الحقيقية

Anonymous said...

اللى عايز اقولة من الاخر ان العيب فى الناس اللى بيطبقوا الدين مش العيب فى اى دين او فى السياسة

مدحت محمد said...

انا بقى اختلف معاك
لانى فى الاسلام منقدرش نفصل الدين عن السياسة
لان الاسلام دين ودولة
وبعدين الدين ثابت والسياسة متغيرة
فمتقدرش السياسة
المتغيرة تلعب وتفسد الدين الثابت
السياسة نجاسة
لا طبعا
لكن سياسى نجس
موجود كتير
تحياتى ليك

Unknown said...

ء(فى الاسلام منقدرش نفصل الدين عن السياسة
لان الاسلام دين ودولة
وبعدين الدين ثابت والسياسة متغيرة
فمتقدرش السياسة
المتغيرة تلعب وتفسد الدين)ء

للأسف الكلمتين دول محفوظين (أنا نفسى حافظهم من أيام المدرسة )و ملهومش أى علاقة باللى انا كاتبه خالص

أنا مش بتكلم عن الدين و الدولة ولا نظام الحكم اسلامى ولا علمانى

اللى انا بتكلم عليه هو التعصب المذهبى اللى بيفسد الدين لأنه مش من الدين و لكنه تعصب ناتج عن حب السيطرة و النفوذ

و السيطرة و النفوذ سياسة مش دين ... ممكن يلبسوها شكل الدين عشان يستغلوا قوته فى تدعيم قوتهم السياسية

Unknown said...

بس بتفضل السياسة نجاسة تقلب ناس ضد ناس و تكره ناس فى ناس و تخلى ناس يكدبوا عشان يوصلوا لهدف معين

و الكدب ده بيبقى لتدعيم سلطة وقتية مرتبطة بهدف سياسى معين (خلى بالك أن السلفيين بيفصلوا الدين عن الدولة و يقولوا ملناش دعوة بالسياسة) ... يعنى لو أنا قصدى فصل الدين عن الدولة كنت حعتبرهم صح

و لكن الحقيقة أنهم سابوا السياسة اللى ليها هدف أنها تحارب الظلم

و اشتغلوا سياسة من غير ما يقصدوا وهما بيألفوا حواديت عن كراماتهم و رؤيتهم للنبى فى الحلم و يطلعوا اشاعات عن المختلفين معاهم و هما بيعلموا ولادهم يكرهوا كل المختلفين معاهم سواء مسلمين او غير مسلمين

هى دى السياسة النجسة اللى بتحول الإنسان لوسيلة للوصول لهدف معين حتى لو كدب أو بلغ أمن الدولة عن ناس بيحفظوا القرآن

غير الدين اللى مفروض يخلى الانسان أقرب لربنا و تنقى قلبه و افعاله

Unknown said...

السياسة بتقدر تفسد الدين بدليل أن الإمام أحمد بن حنبل مات من التعذيب عشان رأيه الفقهى كان مخالف لرأى الخليفة
و بدليل كل القتل و المدابح اللى حصلت فى العراق بين السنة والشيعة

أنا مسلم مؤمن بأن الإسلام دين الرحمة و التسامح و بالأخص مع غير المسلمين و لكن السياسة و فسادها بيقدروا يخلوا الانسان يتناسى كل حاجة طيبة و يبحث عن وسيلة للحط من أى حد مخالف له فى المذهب أو الدين و لو وصلت للقتل

Unknown said...

السياسة كمان بتنخر فى الدين لما نلاقى فقهاء بيظهروا رأى فقهى معين ما دام متفق مع أهدافهم و يخفوا و يتناسوا عن رأى فقهى تانى مادام مش بيخدم نفس الهدف

مع أن ده علم وده علم و لكن الحصول على أكبر قدر من التباع لا يتفق مع حرية الاختيار بين الآراء ... فبنلاقى أسهل حاجة أنه يتم تجاهل آراء فقهية صحيحة لمجرد أن التوجه العام رايح فى ناحية تانية

Anonymous said...

Dena Hussien wrote
at 5:01pm on February 26th, 2008

عجبتنى اوى الجزئية بتاعت ازاى المجموعات دية بتتعامل فى حالة كونها اغلبية او اقلية ....اعتقد ان سبب استخدام السياسين للدين كوسيلة ان دايما الناس اللى بتحاول ترضى ربنا بيبقوا خايفين لا يكونوا مقصرين ودة بيبقى راجع غالبا لعدم فهم للدين صح و عدم ثقة

و السياسين او اى حد بيسخدم الدين عشان يوصل لاغراضه بيلعب على الحتة دية ان هو اعلم و ادرى بالمصلحة العامة بما انه اقرب لربنا(من وجهة نظرة هو و اللى ماشيين وراة ) الفكرة ان الانسان القريب من ربنا بجد عمرة ما بيقول كدة لانة دايما شايف انه لسة يقدر يعبد ربنا اكتر و اكتر فاازاى يبقى المتدين العالم ببواطن الامور بيناقش تدينه و مدى علاقته بربنا على الملا و كمان يتكلم على ان الدين اللى طبعا هو الوحيد اللى فاهمه صح و عايز يطبقه )هو الحل الوحيد الصح

لو الناس فاهمة ربنا عايز منها اية فعلا و فاهمة دينها صح مكنوش هيتخدعو فى اللى بيتاجرو فى الدين خصوصا لما يكون اللى بيدعى الدين دة عمال يكفر اى حد معارض لية و ياريتو بيكفر حد معندوش دين (مع انه برضة مش من حقه ) لا دة بيبقى بيكفر اللى بيصلى فى الجامع اللى جمبة عشا مختلف معاة فين الدين فى كدة

Unknown said...

انتى فهمتى قصدى صح فى النقطة الأخيرة بالذات يا دينا ... لو الانسان حط فى عقله أن الدين الهدف منه فى النهاية هو انه وسيلة تربط بينه و بين ربنا مكانش حيدور على كل واحد مختلف معاه عشان يأذيه بحجة أنه مش مؤمن زيه

المثل اللى أنا حكيته عن الراجل السلفى اللى بلغ أمن الدولة عن الاخوان اللى بيحفظوا الناس قرآن ده حقيقى و دليل أن هو واخد الموضوع منافسة و سياسة مش واخده تقرب من ربنا لأن اللى بيبقى عاوز يقرب من ربنا مستحيل حيحب يأذى أى حد .... فما بالك بواحد مؤمن زيه