Tuesday, January 1, 2013

حتمية الحالة المصرية . بزوغ الطائفية وأفولها


المحللين السياسيين عندهم فرصة يكتبوا كتب ومراجع في اللي بيحصل للسلفيين من ساعة الثورة وتطورهم وهزيمة أفكارهم المعزولة عن تاريخ البشرية

فحقيقة أن الشيوعية ظهرت في ظل دول تسحق فيها الحقوق الاجتماعية, وأن الليبرالية نشأت في ظل دول تسحق حرية الإعتقاد ترينا مستقبل مصر

الحقيقة أن كلا من الشيوعية والليبرالية هدفا إلى رقي الإنسان , أحدهما نظر لحقوقه المادية والآخر لحقه في الحرية وهما يكملان بعض

بدأ البحث عن الحقوق المادية في دول ومجتمعات محرومة منها, بينما بدأ البحث عن الحق في الحرية في مجتمعات أكثر رخاء اقتصاديا

كان ماركس يتحدث عن الحقوق المادية للعامل في الدول المتقدمة لكن من احتاج تلك الأفكار فعلا كانت المجتمعات المنسحقة بلا أى حقوق

أقتنعت الشعوب التي لاتجد لاقوت يومها ولا حريتها بأن تتخلى عن حريتها مقابل خبزها , هي معادلة ليست خاسرة تماما بالنسبة لهم كما ترى

بينما الشعوب التي عاشت في رخاء وتقدم اقتصادي -نابع من تطور فكري- رفضت التخلي عن حريتها من أجل حقوق اجتماعية يمكنها الحصول عليها بالتدريج

تلك المجتمعات التي عاشت في رخاء اقتصادي لم تكن بحاجة لأن تعصر عقولها من أجل ابتكار منظومة للحقوق الاجتماعية بل بالحقوق الفكرية

الفكرة الأمريكية قامت على أساس حرية الفكر, حرية الفكر هي التي دفعت مجموعة من المتطرفين دينيا للهروب من حكم مذهب مضاد لمذهبهم

نشأت أمريكا على أساس ليبرالي لإن الحاجة الأساسية التي احتاج مؤسسوها لإشباعها هي الحاجة لحرية العقيدة التي حرموا منها في أوطانهم

بينما نشأ الاتحاد السوفييتي على أساس قمعي تطبيقا لنظرية "تخلى عن حريتك تحصل على حقوقك المادية" ولكن من يحصل على قوت يومه يبحث عن حريته

انهارت الفكرة القمعية الأساسية "تخلى عن حريتك مقابل غذاؤك" في مختلف الدول وانهارت في مصر بعد ثورة يناير

بعد الثورة سادت الأفكار الضعيفة التي تكونت تحت السطح في ظل قمع حرية الفكر كالصديد , ولكنه صديد مايلبث أن يتبخر أمام التطور والتنافس

في مصر الآن تحاول نظرية "دع حريتك وحقوقك من أجل أن تدخل الجنة" أن تحل محل نظرية "دع حريتك لتحصل على حقوقك" القديمة

لكن سرعان مايعود المصريين لأرض الواقع ليسعوا لبناء جنتهم على الأرض مثل باقي البشر بعد عقود من تغييبهم في أرض الخيال الماضوي

تلك النظرية القائمة على كراهية الآخر الطائفي واحتقاره -أى كراهية العالم بأجمعه- ستخفت أصواتها رويدا رويدا لتصبح ذكرى من طفولة المصريين

في مصر جربنا الحكم الطبقي اللامكترث ثم الحكم النازي الفاشل ثم حكم التاجر السلطوي ثم الطائفي محدود العقل. سنصل إلى الحرية قبل المساواة

كان الحكم الارستقراطي الملكي لا يكترث بالشعب كبشر وإنما كأدوات لبناء المجد , كانت المبرات والتبرعات تعبيرا صادقا عن ذلك

كان البشر درجات تقسم حسب قربها من الملك صاحب السمو وإن لم يكن صاحب السلطة الكاملة هذا ما أغضب المصريين حقا فوصل النازيين للسلطة

كان نظرية النازيين في حكم مصر هي تقسيم الناس حسب ولاؤهم للمشروع القومي, وكان خبل عقولهم نتاج سنوات من التهميش في العهد السابق

تعامل النازيين بقيادة عبدالناصر مع الشعب المصري على أنهم أدوات انتاج مثلما تعامل معهم النظام الارستقراطي, لكنهم أقنعوهم أن ماينتجونه ملكهم

في آخر أيام فاروق وأول أعوام ناصر كانت نظرية "أنت عبد للملك وللمقربين منه" تحل محلها نظرية "أنت عبد للدولة والمقربين منها

"كان الحاكم يحكم بشرعية انجازات محمد علي وأسرته فلما خفتت تلك الإنجازات ظهرت شرعية جديدة لنظام جديد تشتري الحرية بالخبز, بالكثير من الخبز

فشلت مقايضة النازيين الخبز بالحرية لإنهم أفقدوا الناس حريتهم ولم يخبزوا لهم الكثير من الخبز. *المقصود بالخبز هنا هو حقوق اقتصادية ومادية

أنهى السادات حكم النازيين -الذي كان من أهمهم - وأعاد جوانب من الحريات على حساب الحقوق الاجتماعية استمرت حتى بدايات الألفية

كان غياب الحقوق الاجتماعية أى وجود الفقر والجهل والتهميش مع عدم وجود نظرية شمولية للدولة سببا في ظهور شمولية طائفية جديدة

انهى السادات الحكم النازي الشمولي الذي أسسه ناصر وأسس بدلا منه حكم شبه ارستقراطي سلطوي, فحرم الناس من خبزهم واعطاهم جزء من حريتهم

ظهر الفكر الطائفي ليحل محل الفكر الشمولي للدولة والتي انتهت على مستوى شمولية الفكر لكن استمرت على مستوى سلطوية ومركزية المؤسسات

الآن الصراع بين فكرة الطائفيين "أعطنا حريتك لنعطيك الخبز والجنة" وفكرة اللاطائفيين الغير أكفاء "سنعطيك الحرية بلا خبز ولاجنة"

لابد من ظهور تيار آخر يدعو للحرية مع الخبز "العدالة وكفاءة الادارة" مع الجنة "أى ألا يعادي عقائد المصريين" هذا هومايعبر عنه تيار #مصر_القوية

محاولات الطائفيين لقمع الحقوق الفكرية دون تعويضها بحقوق اجتماعية ستؤدي لثورة مجتمعية من أجل الحرية قبل أن نسعى لحقوقنا الأخرى

الآن يقولون لنا تخلوا عن حرياتكم لتحصلوا على الدنيا والآخرة ولكنهم سيفشلون في توفير الدنيا ولن تصبح الآخرة محل اهتمام الناس كما كانت من قبل

سوف يؤدي ذلك لوصول من يعادي الطائفيين بشكل صريح للسلطة الفكرية وقد يصل إلى السلطة السياسية ,لكن من يعادي الطائفيين يشبههم كثيرا

سوف ينقلب المجتمع على الطائفيين ويلفظهم بعد محاولاتهم البائسة لنزع الحرية وفشلهم في تحقيق جنتهم المزعومة على الأرض "النهضة"

الأزمة أن انقلابات المجتمع على الأفكار الحاكمة صارت أسرع ممايمكن المجتمع من تمحيص تلك الأفكار والحصول على مناعة دائمة منها

من يعادي الطائفيين يشبههم كثيرا, من يضع مشروعا ماضويا وهميا كمشروع حياته لايختلف عمن يجعل مشروع هدم هذا المشروع مشروع حياته

ذلك الإسلامي الذي يكذب ويدلس من أجل مشروعه الاسلامي لايختلف عن ذلك العلماني الذي يكذب ويدلس من اجل اسقاط المشروع الاسلامي

ذلك الذي يقدس زعيمه المتحدث بإسم الحداثة الغربية -البرادعي- لايختلف كثيرا عن ذلك الذي يقدس شيخه المتحدث بإسم الاسلام

الفارق الأساسي أن من يسير خلف البرادعي يمتلك أدوات معرفية أكثر تقدما وانفتاحا ممايمتلكه من يسير بنظام شديد خلف رموز الطائفية

البرادعي هو المعبر عن نظرية "ستحصل على الحرية وقد تصل إلى الجنة بمجهودك ولكننا لا نعلم كيف نصنع لك الخبز. معا سنكون أحرار فاشلين"

تظل فكرة "معا سنكون أحرار فاشلين" التي يعبر عنها البرادعي أفضل من فكرة "معا سنكون عبيد فاشلين" التي تعبر عنها التيارات الطائفية

لكن تظل أيضا فكرة "معا سنكون أحرار ناجحين وليذهب كلا منا إلى الجنة أو الجحيم بعد ذلك" هي أفضل المعروض على الإطلاق

مقالات ذات صلة

يمين متطرف ام تيار طائفي؟
http://bad-way.blogspot.com/2012/12/blog-post_24.html

التيار الاسلامي أحسن ولا العلماني ؟ مصر القوية
http://bad-way.blogspot.com/2012/11/blog-post_11.html

عن الأغلبية الصامتة أتحدث
http://bad-way.blogspot.com/2011/09/blog-post_21.html

نهاية الاسلام السياسي في مصر
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_31.html

الدوجما العلمانية واصول الفشل
http://bad-way.blogspot.com/2012/11/blog-post_13.html

الوهم الاسلامي الحديد - قراءة في مصطلحات المرحلة
http://bad-way.blogspot.com/2012/11/blog-post.html

يعني ايه مصر القوية؟
http://bad-way.blogspot.com/2012/12/blog-post_1.html

ماوراء الاستفتاء , تحليل لوذعي للمجتمع الثوري
http://bad-way.blogspot.com/2012/12/blog-post_23.html

النظام
http://bad-way.blogspot.com/2012/06/blog-post_08.html

كيف نسقط النظام؟
http://bad-way.blogspot.com/2012/06/blog-post_17.html

ثوار الموضة وموضة الثورة
http://bad-way.blogspot.com/2012/06/blog-post_15.html

عن ممارسة السياسة ودراستها
http://bad-way.blogspot.com/2012/12/blog-post_4.html

مناقشة عن الليبراليين في مصر
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_18.html

عزيزي العلماني عزيزي الاسلامي , بطلوا افورة
http://bad-way.blogspot.com/2012/07/blog-post_9998.html

تايه في النص , عن أزمة التفكير الوسطي
http://bad-way.blogspot.com/2012/06/blog-post_25.html


1 comment:

Rateb said...

ليه كده يا بدوى خطفت الفكره من دماغي بس جامد يا بدوى رغم كل الحكايات والناس اللى اتكلمت عنهم بس محدد وواضح اكتر منى