بقلم د.منال فهمى
لم أكن يوما من مريديه وإن كنت من معجبيه في سنين عضويته بحزب الوفد ومن مدمني قراءة عاموده بجريدة الحزب (*) ... كان أنيق الشكل والأسلوب ...صريحا... واضحا... في وقت كانت مصر فيه تخرج من عصر يخشي المرء فيه أخيه وأبيه...ثم تابعته في البرلمان (**) ...لم تكن متابعة دقيقة أو مستمرة ولكن أعجبني نشاطه وحماسه وجرأته وهو الشاب الصغير
لم أكن أعره اهتماما كبيرا فشأن كل جيلى كنا قد فقدنا الاهتمام بالحياة السياسية قي مصر وكنا ننظر لمن يعمل بها كشخص لابد وأن يكون غير سوى...أو هو وجه آخر للنظام...واستمرت الحياة وكان هو بطلا لأحداث عنيفة من قيامه بإنشاء حزبا معارضا جديدا...لترشحه للرئاسة...لثمن غال دفعه بتلفيق تهمة تزوير وسجن...وتحطيم ومحاربة لحزبه...كل هذا وبجانبه تقف وبقوة وصلابة زوجته...اسما آخر مشهورا في مجال الإعلام...شخصية قوية عنيدة..
ومرت سنون وبدأت أتعرف علي تلاميذه وأقرانه ومن رافقوه في رحلته عن طريق الفضاء الافتراضى...لا يخلو حدثا سياسيا وإلا كانوا أول المشاركين ..أثاروا انتباهي بكونهم طيفا سياسيا لم أعهده...أناس عاديين...لا يتحذلقون...ولا يدعون الاختلاف ...مصريون...لايسلكون مسالك مختلفة ولا يشذون عن بقية الشعب.
وبرغم اقترابي منهم ظللت علي موقفي اتجاهه..عدم تصديق أنه صاحب رؤية وقضية...بل كنت أميل لتصديق ما أطلق عنه من شائعات...شاركني كثيرون من حولى وجهة نظري وعدم تعاطفي معه ...وتعجبي كيف يخرج مثل هؤلاء الشباب الجميل من تحت جناحه..مؤمنين بشخصه قبل أفكاره
إلي أن تعرفت عليه شخصيا وكانت مفاجأة...وجدت صعوبة في استيعابها...فليس من السهل أن يتغير رأيك في شخص ما من أقصي اليمين إلي أقصى اليسار فجأة...ولكنني لي عذرى فإننا لم نلتق من قبل...وكان لفاءا دافئا...فالرجل لايمثل الكاريزما التقليدية مثل جمال عبد الناصر...بل يمثل الإنسان المصرى الودود...دافئ المشاعر...يهتم بكل من حوله ويشعرهم بأنهم الأهم وأنه يكترث لهم...حضور تفتقده بعد أن يغادرك ليس كزعيم سياسي ولكن كإنسان يشعرك بالقرب وبأهميتك في حياته وبأهميته في حياتك... وكأننى التقيت صديقا من أيام الطفولة.. صديقا لم يتغير برغم من رحلته الطامحة للتغيير...تحدثنا كثيرا ولم أستطع أن أمنع نفسي من سؤاله لماذا تريد أن تكون رئيسا؟ سألته السؤال من باب الشفقة عليه من أن يضيع وقته وجهده في السعي وراء منصب ثمنه غال و في نظرى لا يستحق كل هذه التضحية
ضحك من قلبه ولم يغضبه سؤالي بل أمن علي كلامي بقوله...مش كده؟
باقترابي منه علمت الكثير عن معاناته...وكيف خرج من سجن صغير إلي سجن أكبر...حيث ضيق عليه النظام الخناق وحرمه من أبسط القواعد الإنسانية...حرية العمل وكسب الرزق...حرية بيع الممتلكات...حرية السفر حتي لزيارة بيت الله الحرام...كان يصل إلي درجة أنه لايجد المال وهو الذي يسكن في شقة فاخرة في حي راق بالقاهرة...هجره المقربون...ومنعه كبرياءه حتي من الشكوى ..صدر الحكم بخنقه وقتله ببطء أليس من المتوقع أن يختنق كل ما هو طبيعى في هذا الجو المسموم
تعرفت علي تاريخ والديه وكيف كان أثرهما كبيرا علي مسار حياته أو ليس هذا ما يحدث للجميع ؟ ... أن نتأثر بوالدينا ... مواقفهما في الحياة ومواقفهما تجاهنا ... كانا يهتمان بالشأن العام ... فالوالد برلماني والوالدة مهتمة بالعمل الخيرى...ليس كهواية ولكن بشغف وحماس إلي درجة أن عند وفاتها كانت تحمل في معطفها أموال تبرعات...وكما وصف هو سار في جنازتها أربعة آلاف ضرير (***) ... ولم يمنعهما ذلك من الإغضاء عليه بالحب والحنان والتربية القويمة بما تحمل من سلوكيات حميدة وقيم عريقة
هل كلامي إنشاء؟ هل هو مبالغة في الوصف؟ هل هو تحيز أعمي؟ أم بحثا عن تبرير لنفسي لماذا فجأة تحمست لشخصه؟ وبعد أن كنت أسأله لماذا تريد أن تكون رئيسا وبعد أن كنت أشفق عليه لدرجة أنني في أحد المرات رجوته بالتخلي عن مشروعه...قررت بكل حسم وإصرار أنه هو الرجل الذي لابد وأن نقف جميعا وراءه وأن نلح عليه ونسانده في إتمام ما بدأ...ليس لأن ليس هناك بديلا آخر...بل لما يمثله هذا الرجل... من القيم المصرية الأصيلة...أو باستعارة التعبير من الأمريكيين الطريقة المصرية في الحياة بدون تدخلات خارجية ولا مؤثرات من ثقافات مشوهة
فهو يمثل الوسطية والتي حرمنا منها بعد أن صبغت حياتنا بلون التطرف...فهل نرفضه لأنه يذكرنا بما فقدنا...ألهذا يذبحه النظام؟ لأنه رمز لكل ما يحاولون دفنه وطمسه...الهوية المصرية..هذا المزيج بين البساطة والذكاء...البراءة والفهلوة...المقدرة علي البكاء والضحك وكأن لا هم في الحياة..وكأن هناك إصرار علي أن لايستمر في هذا البلد أحدا من أبنائه ممن يتمسكون بقيم جميلة وتقاليد لاتقف عائقا أمام الاستمتاع بالحياة ...ممن يسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية...يحاربون التطرف ليس بالألفاظ الجوفاء ولا بالعنف بل بأسلوب حياة...
هذا ما يمثله هذا الرجل...يمثل كل ما هو نابع من المجتمع المصري وجري تشويهه في السنوات الأربعين الماضية...يعشقه بسطاء القوم ويرفضه من يخشون ويخجلون من هويتهم الحقيقية
القاهرة فى ٨ نوفمبر ٢٠٠٩
لم أكن يوما من مريديه وإن كنت من معجبيه في سنين عضويته بحزب الوفد ومن مدمني قراءة عاموده بجريدة الحزب (*) ... كان أنيق الشكل والأسلوب ...صريحا... واضحا... في وقت كانت مصر فيه تخرج من عصر يخشي المرء فيه أخيه وأبيه...ثم تابعته في البرلمان (**) ...لم تكن متابعة دقيقة أو مستمرة ولكن أعجبني نشاطه وحماسه وجرأته وهو الشاب الصغير
لم أكن أعره اهتماما كبيرا فشأن كل جيلى كنا قد فقدنا الاهتمام بالحياة السياسية قي مصر وكنا ننظر لمن يعمل بها كشخص لابد وأن يكون غير سوى...أو هو وجه آخر للنظام...واستمرت الحياة وكان هو بطلا لأحداث عنيفة من قيامه بإنشاء حزبا معارضا جديدا...لترشحه للرئاسة...لثمن غال دفعه بتلفيق تهمة تزوير وسجن...وتحطيم ومحاربة لحزبه...كل هذا وبجانبه تقف وبقوة وصلابة زوجته...اسما آخر مشهورا في مجال الإعلام...شخصية قوية عنيدة..
ومرت سنون وبدأت أتعرف علي تلاميذه وأقرانه ومن رافقوه في رحلته عن طريق الفضاء الافتراضى...لا يخلو حدثا سياسيا وإلا كانوا أول المشاركين ..أثاروا انتباهي بكونهم طيفا سياسيا لم أعهده...أناس عاديين...لا يتحذلقون...ولا يدعون الاختلاف ...مصريون...لايسلكون مسالك مختلفة ولا يشذون عن بقية الشعب.
وبرغم اقترابي منهم ظللت علي موقفي اتجاهه..عدم تصديق أنه صاحب رؤية وقضية...بل كنت أميل لتصديق ما أطلق عنه من شائعات...شاركني كثيرون من حولى وجهة نظري وعدم تعاطفي معه ...وتعجبي كيف يخرج مثل هؤلاء الشباب الجميل من تحت جناحه..مؤمنين بشخصه قبل أفكاره
إلي أن تعرفت عليه شخصيا وكانت مفاجأة...وجدت صعوبة في استيعابها...فليس من السهل أن يتغير رأيك في شخص ما من أقصي اليمين إلي أقصى اليسار فجأة...ولكنني لي عذرى فإننا لم نلتق من قبل...وكان لفاءا دافئا...فالرجل لايمثل الكاريزما التقليدية مثل جمال عبد الناصر...بل يمثل الإنسان المصرى الودود...دافئ المشاعر...يهتم بكل من حوله ويشعرهم بأنهم الأهم وأنه يكترث لهم...حضور تفتقده بعد أن يغادرك ليس كزعيم سياسي ولكن كإنسان يشعرك بالقرب وبأهميتك في حياته وبأهميته في حياتك... وكأننى التقيت صديقا من أيام الطفولة.. صديقا لم يتغير برغم من رحلته الطامحة للتغيير...تحدثنا كثيرا ولم أستطع أن أمنع نفسي من سؤاله لماذا تريد أن تكون رئيسا؟ سألته السؤال من باب الشفقة عليه من أن يضيع وقته وجهده في السعي وراء منصب ثمنه غال و في نظرى لا يستحق كل هذه التضحية
ضحك من قلبه ولم يغضبه سؤالي بل أمن علي كلامي بقوله...مش كده؟
باقترابي منه علمت الكثير عن معاناته...وكيف خرج من سجن صغير إلي سجن أكبر...حيث ضيق عليه النظام الخناق وحرمه من أبسط القواعد الإنسانية...حرية العمل وكسب الرزق...حرية بيع الممتلكات...حرية السفر حتي لزيارة بيت الله الحرام...كان يصل إلي درجة أنه لايجد المال وهو الذي يسكن في شقة فاخرة في حي راق بالقاهرة...هجره المقربون...ومنعه كبرياءه حتي من الشكوى ..صدر الحكم بخنقه وقتله ببطء أليس من المتوقع أن يختنق كل ما هو طبيعى في هذا الجو المسموم
تعرفت علي تاريخ والديه وكيف كان أثرهما كبيرا علي مسار حياته أو ليس هذا ما يحدث للجميع ؟ ... أن نتأثر بوالدينا ... مواقفهما في الحياة ومواقفهما تجاهنا ... كانا يهتمان بالشأن العام ... فالوالد برلماني والوالدة مهتمة بالعمل الخيرى...ليس كهواية ولكن بشغف وحماس إلي درجة أن عند وفاتها كانت تحمل في معطفها أموال تبرعات...وكما وصف هو سار في جنازتها أربعة آلاف ضرير (***) ... ولم يمنعهما ذلك من الإغضاء عليه بالحب والحنان والتربية القويمة بما تحمل من سلوكيات حميدة وقيم عريقة
هل كلامي إنشاء؟ هل هو مبالغة في الوصف؟ هل هو تحيز أعمي؟ أم بحثا عن تبرير لنفسي لماذا فجأة تحمست لشخصه؟ وبعد أن كنت أسأله لماذا تريد أن تكون رئيسا وبعد أن كنت أشفق عليه لدرجة أنني في أحد المرات رجوته بالتخلي عن مشروعه...قررت بكل حسم وإصرار أنه هو الرجل الذي لابد وأن نقف جميعا وراءه وأن نلح عليه ونسانده في إتمام ما بدأ...ليس لأن ليس هناك بديلا آخر...بل لما يمثله هذا الرجل... من القيم المصرية الأصيلة...أو باستعارة التعبير من الأمريكيين الطريقة المصرية في الحياة بدون تدخلات خارجية ولا مؤثرات من ثقافات مشوهة
فهو يمثل الوسطية والتي حرمنا منها بعد أن صبغت حياتنا بلون التطرف...فهل نرفضه لأنه يذكرنا بما فقدنا...ألهذا يذبحه النظام؟ لأنه رمز لكل ما يحاولون دفنه وطمسه...الهوية المصرية..هذا المزيج بين البساطة والذكاء...البراءة والفهلوة...المقدرة علي البكاء والضحك وكأن لا هم في الحياة..وكأن هناك إصرار علي أن لايستمر في هذا البلد أحدا من أبنائه ممن يتمسكون بقيم جميلة وتقاليد لاتقف عائقا أمام الاستمتاع بالحياة ...ممن يسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية...يحاربون التطرف ليس بالألفاظ الجوفاء ولا بالعنف بل بأسلوب حياة...
هذا ما يمثله هذا الرجل...يمثل كل ما هو نابع من المجتمع المصري وجري تشويهه في السنوات الأربعين الماضية...يعشقه بسطاء القوم ويرفضه من يخشون ويخجلون من هويتهم الحقيقية
القاهرة فى ٨ نوفمبر ٢٠٠٩
(*) http://www.facebook.com/business/dashboard/?ref=sb#/photo.php?pid=3767987&id=103831656317
(**) http://www.facebook.com/friends/?ref=tn#/photo.php?pid=30367202&id=1460018059
http://www.youtube.com/watch?v=ASW7Y9OWzkU
http://www.youtube.com/watch?v=LwSiMU3DZ_A
(***)http://www.youtube.com/watch?v=K5h7_8Ske6k
(**) http://www.facebook.com/fr
http://www.youtube.com/wat
http://www.youtube.com/wat
(***)http://www.youtube.com/wat
No comments:
Post a Comment