مقالة كتبتها الزميلة داليا شهير وقد عاشت طفولتها في الصعيد "أسيوط
على ما أتذكر" أثناء ذروة حرب الدولة على الارهاب في التسعينات
استشراف
مع استمرار المخاض
الثوري المصري المتعثر ومعاناة أكثرية المصريين وصولاً لفهم ومعايشة مباديء ومعاني
الحرية والديمقراطية الصحيحة ، فإن ما تمر به البلاد الآن ينذر بإجهاض هذا
الجنين الثوري وسط انتفاضات المصريين بكافة أطيافهم ، كل يظن أن مساره هو السبيل
الصحيح للوصول إلى مصر الحلم وبغض الطرف عن فداحة الأخطاء السلطوية والنخبوية
والقواعدية والرقابية التي أرتكبت في حق هذا المسار أياً كان منذ الهزة الأولى في
يناير ، فإن ما وصلنا اليه الآن يفوق فداحة كل ما حدث ، إنه مؤشر لسقوط كيان
الدولة أرضاً وشعباً
ان انعدام الإصطفاف الوطني أولاً وأخيراً وحالات ودعاوي التشتيت والتفريق والتقسيم
من حماقات قيادات الأخوان والرئاسة ومحاولات التمكين المفصلية الفاشلة وافتعال
وتأزيم المواقف والمشاكل من فلول الدولة العميقة وعبثية المعارضة السياسية والنخبة
ونديّة الاعلام والمزاعم التكفيرية والماضي الدموي لتحالفات مؤيدي الأخوان وفتاوي
هدر الدم والتحول من الخلافات السياسية اليها دينياً وعقائدياً والعنف والارهاب
المعنوي والمادي والإقصاء والتعنت والإنذارات والتهديدات ضرباً بصبر الملايين من
الكادحين عرض الحائط واختفاء خط الوسط الذي يصطف عنده الجميع انطلاقاً إلى التخطيط
لمستقبل عام يصب في المصلحة الوطنية اجمالاً
فكل هذا افتعل وحفر بجدارة الثغرة التي وجب استغلالها علانية من التسلل
العسكري الطاحن من جديد والقفز الصريح علي الحكم والتحكم عن طريق كل هذه المعطيات والآليات
ومن ثم الرجوع إلى نقطة البداية من جديد ، لكنها ليست بنقطة البداية كما تبدو،
انها النقطة التي اذا ما تم عندها التركيز والرجوع إلى إعمال العقل وضبط
الانفعالات والتحكم في التصرف والسلوك العام لدي كل مواطن يهتم لأمر هذا الوطن ،
فسوف تتغير التركيبة والهوية المصرية تدريجياً وتتحول مصر الآمنين إلى مجازر واقتتال
أهلي ممرحل يشمل كل أشكال العنصرية السياسية والدينية والطائفية وحتى العرقية ، كل
دروب الفوضى واستباحة اراقة الدماء والإرهاب الممنهج والإبادة فضلاً عن كل ذلك انهيار
العلاقة المتأصلة بين المصري أيا كان توجهه وبين جيشه الوطني وتفتت وانهاك هذه
المؤسسة التاريخية تضاؤلاً لدورها الفعلي
ومن هنا يجب الانطلاق الفوري نحو طريق يضمن آمان واستقرار الوطن بداية
بالمستقبل القريب من خلال الإلتفات إلى والالتفاف حول اعلاء المصلحة العامة وعدم
تكرار مآسي شعوب بعينها أخذاً في الاعتبار الآتي:
أولاً : تنحية صراع الدين جانباً واعادة استقراء التاريخ ومراجعته قبل فوات
الآوان لنجده يحاول تجديد عهده هنا مثلما حدث في أوروبا في العصور الوسطى من حكم
الكنيسة الفاشي واقتتال الطوائف والصراعات الهمجية التي أراقت دماء الآلاف انتهاءً
إلى النتيجة المحتمّة من فصل الدين عن السياسة وانهاء الإقصاء والتمييز والتطرف والسفسطة
السياسية والعقيدية ، والإطلاع على المنظومة الدولية النموذجية في الوحدة لبناء مجتمعات سليمة
متقدمة واقتباس ملامح من خبراتها السياسية والحكومية مثل ماليزيا التي يتحد فيها الإسلاميين
مع المجوس والسيخ دون أى نزعات اقصاء أو عنف، فبين هذا التسارع الزمني وزخم
الأحداث ونشأة وانماء العنف والعنف المضاد فإن الإستخفاف بالواقع التاريخي والحالي
يمثل مجازاً الرغبة في هدم الوطن عمداً من الجميع ، فليقطع الشعب كله بجميع
توجهاته وأطيافه الطريق على الحكم العسكري الذي يعمل على انهاك وتثبيط ارادة هذا
الشعب عن طريق التحييد والتكميم والشيطنة والتقسيم والتمييز والإبادة ، فلنسبق
الزمن ولا نسمح للتاريخ بتكرار ذاته في حاضرنا ومستقبلنا ولنكمل في طريق الثورة
الأصيل بعيداً عن الدين والعسكر وإلا فالدمار الفعلي للجميع حتى لكيان الجيش
الوطني
ثانياً : تجنب التنميط والتعميم والتضمين والإدراج والقولبة من ولكل
الأطراف الموجودة ونبذ دعوات الإبادة والإنتقام والتصفية والإقصاء والإنصراف
الفوري إلى طمأنة واحتواء الجانب الأضعف شعبياً بغض النظر تماماً عن الإنتماءات والتوجهات
السياسية والدينية واهتمام حكماء هذا الوطن بإيصال مضمون هذه الرسالة للجميع لأن
الإرهاب الآن غير مقتصر على قيادات الأخوان والتكفيريين فقط لكنه ارهاب عسكري عام
على الشعب المصري كله وهنا أيضاً يجب اتحاد وتصالح كل قواعد الشعب لهدم حاجز
الإرهاب الأعظم
ثالثاً : اهتمام وتركيز شباب القوى الثورية الأصلية بإعادة النظر في المشهد
العام واعادة هيكلة الكيان الثوري تعاطياً مع الأحداث والظروف الراهنة جذباً لكل
الأطراف والإسراع في عقد خطابات الوحدة ونبذ الفتن وحقن الدماء واقتصار تفويض
الجيش على مكافحة مجموعات الإرهاب الفعلية وليس الإعتصامات والمسيرات السلمية وإلتزام
جانب الإعتصامات بالسلمية التامة وتقبل الآخر وانحسار جمود الإدراك والواقع الإفتراضي
وعدم التعاطي مع الخطابات القيادية وتفويت الفرصة على من يرصد التجاوزات والتعديات
ويستغلها سلبياً ، والإنصراف السريع إلى التفكير الجاد والمتوازن وهدم أصنام
القيادات الوحشية الفاشلة والبدء في فض الإعتصامات تدريجياً بموجب جدول زمني تبلغ
به السلطات الأمنية و تتولى التأمين وتشرف عليه حقناً للدماء وضماناً لسلامة
الجميع
رابعاً : إلى شباب التيار الإسلامي أن الجماعة والأحزاب الدينية ليسوا قرآناً
او ديناً حتي ان تبنّوا مشروعاً دينياً فالقيادات أثبتت عبثية الأداء وأن السلطة
استغلال للدين لا إعمال له ، فلتفكروا وتسترجعوا التاريخ عندما أذعن الملك التركي
حقناً لدماء المصريين ، فلنتحد جميعاً ونخوض العراك الثوري ضد الحكم العسكري وننقذ
مصرنا أرضاً وشعباً وجيشاً وطنياً.
No comments:
Post a Comment