كتب لي صديقي إبراهيم
متولي
"اخبارك ايه يا احمد لو كنت خسرت كل الناس اللى اتربيت فى وسطهم واللى كنت واحد منهم لما مات الشهيد الحسينى فاحب اقولك اتمنى تكون لسه عند مبدأك من الدم لان فى رابعة فى اكتر من 200 حسينى مات على ايد العسكر اللى ضربوك بالخرطوش فى محمد محمود
وافتكر انى كنت بره مصر واتصلت اطمن عليك فى محمد محمود لانك فى يوم الايام كنت من اعز الناس و دلوقتى بقولك لو جرالى حاجة فى رابعة ابقى بس اتاثر شوية علينا"
ولان إبراهيم متولي
صديق عمر يمتد لنحو ١٧ عاما تقريبا قد تكون فرقت بيننا الايام بعض السنين الا أننا
عدنا لنجد انفسنا رفقاء ميدان عندما وجدته في ال١٨ يوم وهو واقف في احدي
اللجان الشعبية يفتش الداخلين الي الميدان كان ولابد أن أرد علي كلماته تلك
.
ولان إبراهيم أختار
الكلام في العلن - علي صحفتي علي الفيس بوك - فكان من الواجب عليه أن ارد عليه
ايضا في العلن ، ولا أستطيع أن أنكر أنني ساستغل تلك الفرصة لابوح ببعض ما في نفسي
فما يدور داخل نفسي في الفترة الاخيرة هو الكثير المرهق للنفوس والتي تعجز كل
الكلمات واللغات عن وصفه ولكني أأمل أن يكون البوح بالقليل منه بابا لعلاج الكثير
منه .
الاتحادية .. عن من
أستحل دم الاخ
صديقي العزيز دعني أبدا
من حيث بدأت من الاتحادية فهي قد تكون البداية المناسبة لقصتي ، نعم خسرت الكثير
من أصدقائي في الاتحادية ، أنت تعرفهم جميعهم تقريبا بالاسم فانت تربيت معنا ،
أعلم أنك لم تكن يوما من الايام منتميا لجماعة الاخوان المسلمين مثلنا لكنك
كنت صديق قريب لنا جميعا كنت تعرفنا جيدا وتعرف كم نحن " أخوة " كما كنا
نطلق علي بعضنا البعض ، كنا أخوة بكل ما تحمله الكلمة من معني وأنت شخصيا كنت شاهد
علي هذا .
تعلم جيدا يا صديقي كم
من العمر قضيت مع "أخوة " الاخوان فانت تعلم أنني ولدت لأب ولأم من الأخوان
المسلمين ، فتحت عيني علي الدنيا لم أري غير الاخوان في كل مكان ، تعلم جيدا يا
صديقي أن بعض من فقدتهم يوم الاتحادية كانوا اصدقائي منذ أكثر من ٢٠ عاما
.
نعم كنت تركت الاخوان
قبل الاتحادية بفترة طويلة ، بل كنت قد تركت الاخوان بشكل رسمي قبل الثورة بفترة
تحديدا في العام ٢٠١٠ ، كنت قد عارضت الجماعة وأفكارها وادارتها ومرشحها للرئاسة ،
أفخر الي اليوم أني لم أعصر ليمون ، عارضت مرسي منذ يوم اعلن ترشيحه ، الا أن
الاصدقاء ظلوا أصدقاء والاخوة ظلوا أخوة ، كنت أفرق جيدا بين خلافنا السياسي
وصدقاتنا وعلاقتنا الانسانية .
حتي كان صبيحة الاتحادية
، هل تعلم يا صديقي ماذا كتب لي أخي عبد الفتاح علي صفحتي علي الفيس بوك صبيحة يوم
الخامس من ديسمبر ٢٠١٢ ؟
كتب يقول
أشوفك عند الأتحادية
عشان نضرب بعض وابقي وصلني في سكتك وأنت مروح عشان مش هلاقي مواصلات
أخي كان يتهكم علي
الاوامر التي صدرت اليه بحكم كونه فرد في الاخوان المسلمين ، كان يتهكم علي أمر
صدر من الدكتور وائل طلب مسئول جنوب القاهرة الي جميع أعضاء الجماعة بركوب
اتوبيسات ستتجه الي الاتحادية لفض أعتصام معارضي مرسي حول القصر ، أخي رفض الركوب
ورفض أن يفض أعتصام هو يعلم جيدا أن أخوه أحد افراده ، هو ذهب الي الاتحادية ليقوم
بعمله الصحفي وليشهد بعينيه كيف أن من تربينا معهم انا وهو جائوا ليفتكوا بي
.
رأيتهم بعيني يا صديقي
لم أشء أن اصدق عيني للوهلة الأولي ولم أصدق الا عندما عدت الي أخي وقلت له شاهدت
فلان وفلان وفلان فقال لي نعم كانوا هناك ، قد أسر لك يوما باسمائهم فهم ورغم كل
ما حدث لا أحب أن أعلن أسمائهم علي الملأ الا أنني لا أجد غضاضة في نشر أسم من
شحنهم وحرضهم .
كانت النتيجة يا صديقي
أن فصل أخي من الجماعة لمخالفته الاوامر فعبد الفتاح لم ينتخب مرسي ولم
يشترك في الدعاية له ورفض المشاركة في الاتحادية وأعترض علي ما فعله الاخوان في
الاتحادية ففصله الاخوان ، أما أخي الاصغر ياسر ففضل اعتزال السياسية للابد لاننا
وببساطة وجدنا أنفسنا في لحظة في مشهد مماثل لاكثر مشاهد الدراما الرخيصة في
الافلام العربية وهو مشهد قتال الاخوة في فيلم العاصفة
.
وكانت النتيجة الاخري
هي استشهاد صديقي الحسيني أبو ضيف رفيق النضال منذ العام ٢٠٠٥ عندما كنا طلاب
جامعة في أسيوط .
تاثري بموت الحسيني لم
يكن لمجرد انه صديق فالحسيني كان صديق ورفيق كفاح ورفيق مهنة كان صحفي مثلي ومات
وهو يحمل كاميرته ، كان من المحتمل جدا أن أكون أنا في مكان الحسيني كان من
المحتمل جدا أن يستهدفني من استهدف الحسيني لاني كنت ايضا أحمل كاميرا لكن الله
يختار شهدائه .
منذ الاتحادية يا صديقي
وما بيني وبين الاخوان ليست الخصومة السياسية فما بيننا هو دم الحسيني فالحسيني
كان أخي كما هم كانوا أخوتي الا أن الفرق أن الحسيني حافظ علي حق الاخوة لآخر لحظة
في حياته أما هم فرفعوا السلاح في وجهي وقتلوا أخي
.
مكتب الارشاد .. عن من
شرع العنف
تلومني يا صديقي بان
مبدأي ليس واحد واني لا أنظر الي ٢٠٠ شخص ماتوا في رابعة كنظري الي الحسيني لكني
يا صديقي أزعم أن مبدأي واحد ولكن ليس من مات برابعة كالحسيني
.
الاختلاف يكمن في
أختلاف الطريق والطريقة ، فالحسيني منذ أن عرفته وحتي يوم مماته لم يحمل السلاح في
وجه أحد ، مات الحسيني متحصنا في كاميرته التي أشترها بنقود كان ادخرها لزواجه ،
أما علي الجانب الاخر فهناك من أختار طريق الدم
.
منذ الاتحادية يا صديقي
والاخوان أختاروا طريق الدم ، أعلم أنك ستقول كغيرك هذه ادعائات فالاخوان مات منهم
٧ والمعتصمون مات منهم ٣ ولكن ياصديقي ليست المبادي بالارقام ولكن المبادي
بالمواقف وأنت من فضل أن نتحدث عن المبادي وليس الارقام ، الاخوان هم من هاجموا
واستباحوا دماء المعتصمين .
لا اريد الخوض في
تفاصيل كثيرة أنت تعلمها أكثر مني فانا أعلم أنك متابع جيد للاخبار ولكني اسمح لي
أن أستوقفك عند مكتب الارشاد يوم ٣٠-٦ فانا ازعم ووفق ما شاهدت أن كل ما يحدث بدأ
من هناك .
يومها توجهت الي هناك
يا صديقي لاطلع علي عملي واتابع ما يحدث وصدقني فانا صعقت مما رأيت ، كانت المرة
الاولي التي اري فيها كل هذا السلاح في يد من يفترض أنهم الاخوان المسلمين
المحتمين داخل مكتب الارشاد ، كان الرصاص ينطلق من كل مكان في مكتب الارشاد طوال
الليل ودشم الرمال نصبت علي الشبابيك وحصنت الابواب ، كان كل هذا في مواجهة
العشرات من المقتحمين اقصي ما استخدموا وقتها زجاجات ملتوف بدائية الصنع
.
كان ما يقوم به الاخوان
في مكتب الارشاد حرب حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معني ، تعلم يا صديقي أني قمت
بتغطية حروب في بلدان عدة ورايت الموت مرات لا تعد ولا تحصي وعندما اصف ما كان
يحدث بالحرب فانت تعلم جيدا أني لا ابالغ
.
يومها سقط ٨ شهداء
برصاص الاخوان الصريح الخارج من مكتب الارشاد ، علي الرغم من صعوبة التصويب في
الظلام وبعد المسافة بين مطلقي النار والقتلي الا ان الرصاصات استقرت كلها في
الراس والصدر ، كان من يطلق النار قناص مدرب يعلم جيدا ما يقوم به
.
حتي ذلك اليوم يا صديقي
عندما كان يسالني احدهم هل للاخوان جناح مسلح كنت اقول فورا لا مستحيل لم اري ذلك
وليس الاخوان من يفعلون ذلك وكنت اتهكم باستخدامهم الساذج للسلاح في
الاتحادية فكنت اري شباب في عمر الزهور في الاتحادية يحملون بنادق خرطوش كان واضح
للعيان أنها المرة الاولي التي يحملنوها فيها وكان يستخدمونها بأسلوب يثير الشفقة
والضحك أما ما حدث يوم مكتب الارشاد كان مختلف تماما
.
لم أكتفي بما شاهدت بل
اتصلت بوليد شلبي سكرتير المرشد الاعلامي فور علمي أنه هو قائد المجموعه الموجودة
بالداخل تحدثت اليه كنت احاول ان اكذب نفسي فقد يكون من بالداخل ليسوا أخوان
وليسوا مسلمين من الأصل لكن وليد أكد لي انهم بالداخل وانهم سيدافعون عن المكتب
حتي اخر رصاصة .
وقتها فقط يا صديقي
ادركت أن هناك قواعد جديدة وضعت للعبة ، فهذه هي المرة الاولي التي تستخدم فيها كل
تلك الاسلحة ويقع فيها كل تلك الاعداد من القتلي منذ اندلاع الثورة في مواجهات بين
مدنين ، أعلم أنك كغيرك قد تتحجج بالدفاع عن المبني وردي معروف فالمبني لا يستحق
ان يقع قتيل واحد أما ان ادعيت كغيرك أنهم كانوا يدافعون عن انفسهم فيسرني ان
ابلغك علمي المسبق بوجود مخرج آمن لعقار مجاور لمكتب الارشاد شيد لاجل تلك الحالات
كنت اعرف بوجوده وكنت اعلم جيدا ان بإستطاعة من بالمكتب مغادرته دون أن يصابوا بأذي
عبره وهو ما تم فعلا بعد نفاذ ذخيرتهم وخير دليل علي ذلك انه لم يصب منهم احد باذي
عدا شخص واحد نسوه اعلي السطح ولم ينسحب في الوقت المناسب
.
الاخوان صديقي العزيز
وضعوا يومها قواعد جديدة للعبة مفادها أننا مسلحون آننا قادرون عن الدفاع عن
انفسنا من وجهة نظرنا واننا قادرون علي قتل معارضونا
.
الوقائع المشابهة
متعددة ولكني لن اسرد سوي ما شاهدته بعيني فيكفيني في هذا السياق ما شاهدته في بين
السرايات حين نصب مدفع الجرينوف (١١ونص ) اعلي كلية الاداب واطلق منه ذخات الرصاص
علي حي بين السرايات ومات يومها ١٣ شخصا
.
رابعة .. عن من تاجر
بالدم
هل كل ما حدث يبيح لي
دماء من مات في رابعة ؟ بالتأكيد لا يا صديقي فانا كما قلت عن نفسي صاحب مبدأ لا
يتجزأ .
ايماني بان من قتل يقتل
، وكذلك من حرض علي القتل لذا فانا لست مع قتل من في رابعة ثأرا لمن مات في مكتب الارشاد
أو بين السرايات أو في أى مكان ، ناهيك علي أن من في رابعة هم اعز الناس الي ،
فبالاضافة اليك فان أمي وابي وزوج أمي وأخي في الاعتصام
.
نعم اخي الذي فصل من
الاخوان في الاعتصام فهو كما يقول ليس مؤيدا للاخوان ولكنه ضد الانقلاب ، لم يفصل
بين أخي وبين أن يكون رقم ٢٠١ في احصائيتك يا صديقي سوي بضعة سنتميترات فصلته عن
رصاصة استقرت امام وجهه مباشرة يوم أحداث الحرس الجمهوري
.
هل تعلم يا صديقي أن
أمي التي كنت تناديها دائما ب"ياخالتو" ترقد في المستشفيات منذ أكثر من
١٠ ايام تتلقي العلاج من تنشق الغاز يوم أحداث ميدان رمسيس ؟
علمت يا صديقي قبل ايام
من أخي ان صديقنا ميسرة شهاب يذهب الي الاعتصام بصحبة زوجته فاصبح ميسرة وزوجته
علي قائمة من اطمئن عليهم في مكالمتي مع من اعرفهم في الميدان ، وعلي هذا المنوال
اصبح قائمة الاصدقاء في رابعة تتسع ومع توسعها يتسع الالم والقلق في نفسي
.
عندما تضيف تلك
المعلومات الصغيرة الي معادلتك فستجد أنه المستحيل أن لا اتعاطف مع كل من يسقط في
ميدان رابعة العدوية وتلك هي الحقيقة فقلبي يعتصر الما علي كل من يسقط أو يصاب في
رابعة وينتابني الرعب كل لحظة أن يكون أحد احبائي هو من سقط ، أنا يا صديقي أعتدت
ان أكون في قلب الخطر ولكني لم أعتد أن أقلق علي من أحبهم وسط الاخطار
.
وكأن الله يختبر
ايماننا ويرشدنا ، فكانت اللحظة الاصعب علي نفسي حين بلغني خبر استشهاد زميل
المهنة المصور أحمد عاصم في احداث الحرس الجمهوري ، يومها وكأني عدت إلي الوراء
تحديدا الي يوم الاتحادية حين قتل الحسيني لكن الفرق هذه المرة أن من قتل هم من
قتل قبل ذلك اصدقائي وزملائي ، العسكر ، ولمعلوماتك فانا لم انتظر من العسكر يوما
افضل من ذلك كنت دائما أتوقع منهم الاسواء وكنت أهتف مع الرفاق "يسقط يسقط
حكم العسكر" حين كان يهتف من يهتف في قلب ميدان التحرير بيا " يا مشير
أنت الامير " .
ليس معني يا صديقي أن
الاخوان ضد العسكر فهم حلفائي لاني ضد العسكر فعدو عدوي ليس بالضرورة صديقي ولعل
الله قد جعل دم الحسيني الي جانب دم مينا دانيال وعماد عفت بوصلتنا في تلك المعارك
.
مشكلتي الحقيقة يا
صديقي مع اعتصام رابعة مع من تاجر بالدم وهنا اقصد دون مواربة قيادات الاخوان ، هم
من استحلوا الدم في الاتحادية ومكتب الارشاد وبين السرايات وهم من يتاجر بدم من
يسقط علي الرغم من انهم كما سبق وذكرت من وضع قواعد اللعبة الجديدة ، هم من استحل
السلاح في معركتنا التي كنا دائما ما نصفها بالسلمية
.
اعلم جيدا حسن نواياك
كعلمي الجيد بحسن نوايا اخي وامي وزوجها وابي وميسرة وزوجته وعمي وخالي المؤيدين
للإعتصام وغيرهم الكثير الا أنني في الوقت نفسه اعلم مدي سوء نية من يديرون ذلك
الاعتصام وما يمكن ان يفعلوه ابتغاء الرجوع الي كراسيهم
.
نعم مارست حقي وخرجت
كغيري لاسقاط مرسي يوم ٣٠ - ٦ ولا انكر عليك حقك في تأييد مرسي ، واعتب عليك وعلي
غيرك أن تحسبون من هم مثلي علي العسكر لمجرد أن العسكر تقاطعت معه مطالبنا للحظة ،
فنحن ياصديقي لم ولن نضع ايدينا في ايدي العسكر وحتي لم نلجأ الي المعاملة بالمثل ونضع
ايدينا في يد العسكر لان الأخوان فعلوا ذلك لإني كما قلت سالفا مبادئنا لا تتجزا
.
يصفوننا يا صديقي
بالسذج والحالمون الثوريوين وهي اوصاف لا تضايقني كثيرا فهذه الاوصاف تطلق علينا
منذ أن كنا نقف في العام ٢٠٠٥ علي سلم نقابة الصحفيين انا وصديقي الحسيني أبو ضيف
نهتف ضد مبارك .
نهاية يا صديقي فانا
ابرأ بك أنت وأخي وأمي وزوجها وأبي وميسرة وزوجته وعمي وخالي أن تكونوا وقود
نار أشعلها قيادات الاخوان ليعودوا الي كراسيهم ، لن اتواني للحظة في فداء أي منكم
بحياتي أن لزم الامر لكني في الوقت نفسه لن أفرط في دم اصدقائي سواء الحسيني أبو
ضيف أو مينا دانيال أو عماد عفت .
وختاما فاشكرك علي
اتصالك بي وقت محمد محمود وان كان شكري هذا متاخر قليلا
.
تحياتي
No comments:
Post a Comment