مشهد ١ في مكان ما في القصر الجمهوري السري
نرى أحمد يدخل وعلى وجهه علامات الإنزعاج بينما المشير يجلس مرتديًا بيجامته الحريرية وأمامه تشكيلة ساعات اوميجا فاخرة يتأمل فيها ويقارن بينها
يبادر أحمد بالحديث بعصبية:
-فيه مشكلة كبيرة ياريس
يرد المشير بنفاذ صبر كمن استفاق من حلم جميل:
-ايه تاني يا احمد ، هو انا مواريش غير مشاكلكم ولا إيه ، ورايا صفقة مهمة مع السويسريين عاوز ألحق أخلصها قبل ما أسافر
أحمد في هلع:
- المياة يا فندم ، المياة
بدت على المشير علامة الحيرة وهو يقول
- مالها المياة؟ ، مش قلتلكم تغيروا طقم حنفيات القصر وتحطو حنفيات من الجديدة بتاعة الامارات؟
انا عاوز أقوللك آ آ ، دي بتوفر مياة كتير جدًا
يقاطعه أحمد في تصرف غير معتاد منذ عمل معه منذ عامين
- لا ياريس دي مياة النيل ، بدأت تقل يافندم بسبب سد النهضة
يقول المشير بإنفعال وعلى وجهه علامات الغضب الشديد وقد ترك الساعات من يده لأول مرة منذ دخول أحمد:
- نهضة تاني؟؟؟ احنا مش حبسناهم كلهم يا احمد ؟ ولا كنتوا بتخدعوني؟ كلم لي وزير الداخلية
تبدو على وجه أحمد علامات عدم التصديق وهو يقول:
- ياريس مش مشروع النهضة حضرتك ، سد النهضة بتاع اثيوبيا يافندم ، اللي لسة سياتك موقع على الاتفاقية بتاعته من كام شهر
تبدو على وجه المشير علامات الفهم والإرتياح:
- أثيوبيا اه ، بتوع النيل دول ، آه عارفهم ، مالهم بقى؟
- يافندم وزير الرى لسة مبلغني حالًا بأن السد بدأ يتملي عندهم والمياة منسوبها قل ورا السد العالي وكدة الزرع حيعطش وتوربينات السد العالي مش حتشتغل بكامل طاقتها والكهرب..
يقاطعه المشير بإشارة من يده
- بااس بااس فيه ايه يا أحمد ، ايه التشاؤم ده ، انت مش واثق في قدراتي ولا إيه؟ انت عندك شك ان البلد دي حنبنيها بإيدينا ونفديها بأرواحنا!؟
كانت العبارات الحماسية مثل هذه هى وسيلته المفضلة لإسكات مناقشيه والسيطرة على مجري الحوار
وكان الرد لابد وأن يكون حماسيًا وإلا بدأ الشك في ولاء المتحدث
- العفو يافندم ، ده احنا بنتنفس من خير حكمتك
- طيب خلاص
- خلاص إيه يافندم؟
- أبعت لوزير الرى يبعت لأثيوبيا عشان يشوفوا حيعملوا إيه
- بعتنا يافندم ومحدش جه والعيال المأجورين (يقصد مستخدمين الفيس بوك غير الموالين للنظام) هرونا تريقة عالنت والناس بدأت تقلق يافندم
يبدو الغضب على ملامح المشير وهو يقول:
- محدش جه ! آه ياولاد ال *** ، خلاص خلاص أنا حتصرف بمعرفتي ، أعلن ان فيه خطاب حلقيه عالهوا مباشر بكرة وخلي العيال الصحفيين بتوعنا يشتغلوا بلقمتهم شوية ويحضروا الناس لمفاجأة حتقلب الموازين في القضية دي
ثم قبل ان يعطي الفرصة لأحمد للرد يتساءل بجدية شديدة
ألا هما دفعوا ضريبة السفر ولا لسة ؟
يبدو على وجه أحمد التعجب وإن لم نلاحظ هل التعجب من ذكر موضوع ضريبة السفر أم من انتباه المشير وتركيزه في كل التفاصيل
- دفعوها يافندم الدوبل لصندوق تحيا مصر زى ماحضرتك أمرت بالضبط , حتصل بيهم حالًا دلوقتي
يرد المشير في رضا وقد أعاد التدقيق في الساعات الأوميجا مرة أخرى
- تمام تمام ، ماتقلقش يا أحمد، الأزمة دي حتتحل بكرة وأنا لما أقول بكرة مش بيبقى قصدي بعد بكرة ولا بعد بعد بكرة ، تحيا ماسر يا أحمد
يرد أحمد في حماس وارتياح وقد تأكد أن الحل في يد المشير
- تحيا مصر يافندم
***********
مشهد ٢ قاعة الخطابات التلفزيونية بالقصر السري
المشير يرتدي بذلته العسكرية ويستعد لإلقاء خطاب وصفته وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والمستقلة بجملة واحدة كتبها أحمد بنفسه "مصر لن تعطش في عهد البطل"
يقف المشير أمام الكاميرا منعقد الحاجبين يفكر في ملخص تقرير وزارة الرى الذي قرأه له أحمد قبل دقائق حتى يشير المخرج ببدء التصوير فتتحول التقطيبة لإبتسامة أبوية حانية ميزت خطاباته في الفترة الأخيرة رغم الكوارث التي تتوالى منذ مدة
- أبنائي وبناتي ، أهل ميسر (هكذا ينطقها) ، لقد هالني كم الإفتراء والكذب فيما يتعلق بوجود أزمة في مياه النيل ، وأؤكد لكم أن النيل بخير وان ميسر بخير ، أنا عاوز أسألكم سؤال من أب لأبناءه ، إيه يعني أثيوبيا حوشت شوية مطرة عندها عشان السد الجديد بتاعهم؟ حيحصل إيه لو استحملناهم شوية ، أنا بأكد أن ماسر وأثيوبيا أخوة
وبعدين انا لما مضيت اتفاقية السد معاهم سألت رئيس الوزارة بتاعهم ، راجل بيحب مصر جدا وجه هنا كتير، قلت له أنتو ناويين تسحبوا النيل من عندنا ؟ حتعطشوا مصر يعني؟ فهو لما حس اني مش مبسوط وان فيه موقف ، أيوة موقف قوي (يقطب حاجبيه ليبدو صارمًا) ، موقف وطني ، أنا راجل عسكري ومش ممكن آ آ ، المهم قال لي أبدا يا فندم ، مستحيل نفكر بالطريقة دي ، مصر هى أختنا الكبيرة ، شوفوا الاعتزاز في كلامه ، ووعدني أن السد عندهم حيتملي في أقل من شهر ، شهر واحد نستحمل فيه أخواتنا ، التنمية مهمة ، ولا إيه ؟ لأ مهمة سحيح ، وأنا أديته وعد بأننا حنستحمل الشهر ده ، احنا طول عمرنا بلد كريمة ، تعطش لكن ماتمدش إيدها على حاجة حد من أخواتها ، وأنا كلفت الحكومة بأنها تاخد الإحتياطات اللازمة عشان متحصلش أزمة ، أزمة ؟ في النيل؟ ده شريان الحياة في مصر يا أخواننا ييجي من الفين سنة وزيادة ، معقولة حنفرط فيه بالسهولة دي؟ متخلوش حد يلعب بعقولكم ويشوه مفاهيمكم ،،، تحيا ماسر ، تحيا ماسر ، تحيا ماسر"
******
مشهد ٣ ، المشير بالبذلة المدنية في قصره السري بسويسرا
يجلس المشير مرتديًا بذلة باهظة الثمن للغاية وفي يده التي ترصعها الساعة الأوميجا التي قام بإختيارها أخيرًا كأس فودكا روسي فاخرة تحمل زجاجتها علامة الصداقة الروسية ويشاهد التلفاز والأخبار تتوالى عن أكبر أزمة مائية تواجهها مصر منذ مئات السنين بسبب النقص المفاجئ لمياه النيل وضعف استعدادات الحكومة لذلك , يقلب القنوات في تركيز
فتتحدث قناة العربية عن وعود سعودية بخفض سعر مياه الشرب المحلاة التي سوف ترسلها بشكل عاجل للمصريين وتتحدث الجريرة عن بدء خبراء الزراعة الإسرائيليين في تركيب نظم الرى الجديدة في القرى المصرية بعد موافقة الحكومة المصرية الجديدة وتتحدث البي بي سي عن اتفاق الحكومة المصرية المؤقتة مع حكومات حوض النيل على مراجعة الإتفاقية التي وقعتها مصر والتي تسببت في الأزمة التي ترتب عليها اضطرابات واسعة في البلاد أدت لسقوط الحكومة العسكرية وهروب المشير لسويسرا للتمتع بنصف معاشه بينما نقلت السي ان ان مشاهد طوابير المياه التي تنظمها قوات الجيش مع اللجان الشعبية في مختلف المحافظات مع لقاء مع السفير الأمريكي يؤكد فيه أن الحكومة الأمريكية ملتزمة بضمان عدم سقوط الشعب المصري في مجاعة مائية وأن التنسيق الأمريكي الروسي لتوريد المياه العذبة لمصر جارٍ على قدم وساق
وفي مكان آخر في العاصمة المصرية وبعيدًا عن كاميرات الأخبار وقف أحمد بملابس ممزقة وكدمات ظاهرة على وجهه وقفاه في طابور من طوابير الشرب ( بعد أن أفلت من تظاهرات الغاضبين بأعجوبة) مرددا بصوت خافت حتى لا يسمعه من حوله"عملها وخلع العرص"
No comments:
Post a Comment