ماطار طير وأرتفع إلا كما طار وقع ،،، أرى أن
المجتمع المصري قد وصل لدرجة التشبع الاسلامي الكامل ,, فلم تعد هناك وسيلة لتواجد
الإسلاميين في الأوساط الشعبية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاعلامية لم تستغل,
كان لذلك نتائج كثيرة لكن مايهمني هنا أنه بعد أن تصل لمرحلة التشبع فلابد بعدها
أن تبدأ في مرحلة الانحسار
فأنت بعد أن تصل لدرجة ان تتحجب كل الفتيات في
مجتمعك - طواعية أو قهرا - تفاجئ بعد ذلك بموجات ارتدادية لخلع الحجاب من كثير ممن
ارتدينه لمجاراة الموضة أو خوفا من أهل أو لإشباع نزوة تدين ملحة سرعان ماتخفت
حدتها مع استمرار الحياة وفقدان شرائط عمرو خالد مفعولها من كثرة ترديد مافيها من
حجج
تنتهي الميزة الفكرية الوحيدة للاسلاميين بمجرد
وصولهم للحكم، وربما يكون ذلك أحد أسباب بطئ الرئيس محمد مرسي في انتزاع السلطة
واستمرار الأخوان في لعب دور المضطهد المهضومة حقوقه
نعلم جميعا - وإن لم نذكر ذلك على الانترنت - أن
الدولة المصرية لن تخوض حروبا لتحرير القدس, لن يحدث أن تعلن مصر حربا دينية دون
أن يحكمها نظام فاشي طائفي يشعل حربا في الشرق الأوسط كله من أجل مطلب ديني بحت لا
يحقق أى مصلحة للدولة المصرية، نعلم ذلك ويعلم الأخوان ذلك , يفهمون أنهم يوما ما
سوف يجلسون للتفاوض مع الاسرائيليين - الصهاينة سابقا - وأن أقصى مايمكن الحصول
عليه هو سلام عادل يوازن بين حقوق الفلسطينيين وقوة الاسرائيليين، لن تكون هناك
حربا - على الأقل فيما سنشهد في السنين القليلة القادمة - يقول فيها الحجر للمسلم
هناك يهودي خلفي فأقتله
قد يحمل الخيال الخصب البعض - وأنا منهم - على
تخيل سيناريوهات غير تقليدية لكارثة عالمية تؤدي لإنهيار النظام العالمي وتفكك
الدول والجيوش لتعود لصورة الحياة في عصورها البدائية ,, لكنني هنا الآن أتحدث عن
حسابات واقعية مبنية على معطيات يمكن ملاحظتها وقياسها وليس على خيال ديني خصب
نعلم أيضا ان القضية المحورية وراء شعار
"الاسلام هو الحل" قد سقطت بمجرد تولي الاسلاميون السلطة ,, فتطبيق
الشريعة ،، الشعار الذي رفع لعشرات السنين ليمنع التساؤل عما في قدرة الاسلاميون
إنجازه ولا يملكه غيرهم قد أصبح الان بلا معنى بعد أن حكموا فعليا ولم يتمكنوا من
تطبيقها
نعلم أن مصر لن تقطع يد السارق في يوم من الأيام
وأن التزاماتها الدولية وتركيبتها الثقافية والسياسية تمنعها من مثل تلك الأفعال
المعادية لحقوق الانسان, وأنه بدون قيام نظام ديكتاتوري اسلامي يطبق الحدود بالقوة
رغما عن معارضة الداخل والخارج فإن الحدود – التي ترتبط في أذهان العامة بأنها هي
الشريعة - لن تطبق
وقتها سنرى المتحدثون بإسم الجماعات الدينية
يقولون ما سبقهم أبو الفتوح في قوله ،،، أى شريعة نقول أنها غير موجودة في شعب أسلم
منذ مايزيد على الألف عام؟
وقتها سنرى المنظرين والدعاة المودرن يرفعون
الحرج عن الرئيس والبرلمان الاسلامي ويروجون لإلتزامه بالجانب المتفق عليه من
الجميع في الشريعة ،، وهو جانب الحريات والعدالة الاجتماعية ,, لن يتمكن شيوخ
الأخوان ناهيك عن شبابهم بإدعاء الأفضلية على من سواهم من يساريين وليبراليين في
ذلك الجانب بدون برامج عملية تنفيذية يمكن للنقاد بسهولة كشف أن الصبغة الاسلامية
وضعت عليها قسرا وأنها بدون تلك الصبغة ستكون مشابهة لما عداها من برامج حزبية
سياسية واقتصادية أخرى
سوف يسعى الجميع للحريات والاصلاح وللعدالة
الاجتماعية برؤى بشرية وضعية ولن يتمكن الاسلاميون - خاصة مع ارتفاع الوعي السياسي
الشعبي وظهور البدائل الفكرية والسياسية المنظمة - من إدعاء كرامة إلهية أو
اسلامية لبرامجهم ورؤاهم
وسوف تكون صدمة القواعد السلفية أشد وطئة من
قواعد الأخوان التي تتطور بالتدريج وحسب الحاجة ,, عندما يرى الشباب السلفي
استحالة وضع "دستور" اسلامي صرف إلا بطرد كل المعارضين لذلك من مصر، وهم
يرون أن المعارضين لذلك سوف يكونون بالملايين يدعمهم الجيش والأقباط والاحزاب
والاعلاميين وقتها فقط سيدرك السلفيون - وأقصد بذلك القواعد الشبابية العريضة التي
تصورت أن حل كل مشاكلنا يمكن أن يحدث بمجرد زيادة مظاهر التدين في المجتمع - عبث
محاولاتهم وسيرتد الكثير منهم عن طاعة أنبياء السلفية الذين وعدوهم بما لا يمكن
الوفاء به
قطعا لن يختفي التيار السلفي أو الأخوان من
الساحة الاجتماعية والسياسية المصرية , لكن عوامل مثل زيادة الوعي السياسي والذي
يضخ دماء جديدة طازجة في شرايين التيارات الوطنية الغير اسلامية من يسار ويمين
ورفع معدلات التنمية وتخفيف معدلات الفقر والذي يحرم التيارات الاسلامية من جمهور
عريض من المستفيدين من أعمالهم الخيرية والذين سوف يكونون أقل استجابة لرغبات
داعميهم عندما لا يحتاجون بشدة لدعمهم. ثم دخول عوامل مثل دخولنا عصر الثورة
العلمية والثقافية نتيجة لحرية التعبير التي لا محالة سوف تحدث أثرها على المستوى
الأكاديمي لترفع معدلات التشكك والمراجعة للأطروحات الدينية نفسها وتقلل من
تأثيرها على الشباب العادي
كل تلك العوامل سوف تؤدي إن آجلا أو عاجلا لتآكل شعبية وشرعية الاسلام السياسي بشكله الحالي وخروج أشكال جديدة برؤى أكثر حداثة ومنطقية وعملية للواقع المصري
كل تلك العوامل سوف تؤدي إن آجلا أو عاجلا لتآكل شعبية وشرعية الاسلام السياسي بشكله الحالي وخروج أشكال جديدة برؤى أكثر حداثة ومنطقية وعملية للواقع المصري