Saturday, January 23, 2010

التاو

التاو الذي يمكن التحدث عنه
ليس التاو الراسخ الأبدي
والإسم الذي يمكن اطلاقه
ليس الإسم الراسخ الأبدي
بل المجهول بلا إسم
هو ابتداء السماء والأرض

تصدر الكائنات عنه ولا يدعي سلطانا

يعطيهم الحياة ولا يدعي امتلاكا
يعينهم ولا يقتضي عرفانا
يكمل عمله ولا يدعي فضلا

ليست من شيمته الفعل

ولكنه لا يترك أمرا بحاجة إلي إتمام

+ما هو التاو ؟

-انه إدراكك و وعيك العادي
+كيف يستطيع الإنسان أن يفيئ اليه ؟
-عندما تقصد أن تفيئ إليه فإنك تفقده
+ولكن كيف نستطيع أن نعرفه دونما قصد ؟
-لا ينتمي التاو إلي مجال المعرفة ولا إلي عدم المعرفة ، فالمعرفة فهم زائف وعدم المعرفة جهل أعمي . هل تريد أن تفهم التاو حق الفهم ؟ اذن أنظر إلي السماء الفارغة

من غير أن تسافر بعيدا

تستطيع أن تعرف العالم كله
من غير أن تنظر من النافذة
تستطيع أن تري طريق السماء
كلما ابتعدت أكثر
كلما قلت معرفتك
ولذا فإن الحكيم يعرف دونما حاجة إلي حركة
يميز دونما حاجة الي نظر
ينجز دونما حاجة إلي فعل

في طلب العلم تعرف في كل يوم أكثر

في طلب التاو تبذل في كل يوم أقل
تبذل أقل فأقل حتي حالة اللافعل
وعندما تصل حالة اللافعل
لا تجد أمرا بحاجة إلي إتمام

هناك شئ بلا شكل

موجود قبل السماء والأرض
قائم بنفسه لا يحول
شأنه الدوران بلا كلل
مؤهل لأمومة هذا العالم
لا أعرف اسمه فأدعوه التاو
لا أستطيع وصفه فأقول العظيم
عظمته امتداد في المكان
الإمتداد في المكان يعني الامتداد بلا نهاية
الامتداد بلا نهاية يعني العودة إلي نقطة المبتدي

يفرض النهر نفسه ملكا علي مئات الجداول

لأنه أوطأ منها منسوبا
فمن شاء أن يحكم الناس
عليه أن يتضع أمامهم
فالحكيم إذا حكم لم يشعر بثقله أحد
و إذا سار في المقدمة لم يعرقل الركب

المقاتل الصنديد لا يبدو مرعبا

والمجلي في المعارك لا يستشيط غضبا
و قاهر أعداؤه ليس منتقما
وهذا ما يدعي بفضيلة اللاجهد

الجسد الحي رقيق ولين

وكذلك العشب والشجر الغض
الجسد الميت صلب قاسي
وكذلك العشب الجاف والشجر اليابس
لأن القسوة والصلابة من علائم الموت
واللين والرقة من علائم الحياة
من هنا فسلاح القوة لا ينفع
والشجر الصلب يقع تحت ضربات الفأس
الكبير والقوي يقع تحت الرقيق واللين

لا يوجد أكثر من الماء ليونة ورقة

ولكنه الأقدر علي تفتيت الصلب
كلنا يعرف أن الضعيف يفوق القوي
واللين يقوي علي الصلب
ولكننا لا نضع هذه المعرفة موضع التطبيق

الذين يعرفون لا يتكلمون

والذين لا يعرفون هم المتكلمون


نقلا عن كتاب دين الإنسان

No comments: