Saturday, December 1, 2012

عن أهمية طرح الحلول الوسط


برغم ان الأخوان أبدوا غشومية غير عادية في مسائل ومواقف مختلفة وغرور قاتل بقوتهم لا يفوقه إلا غشومية وغرور بقية المنتسبين للتيار الإسلامي وكتير من المحسوبين على الثورة أو المنتمين للنظام القديم ،، إلا أن طرح البدائل مهم جدا لكل الأطراف لكى لا نبقى كلنا أسرى لطريق مسدود

طرح البدائل السياسية في حد ذاته أمر بيفتح طرق واحتمالات أقل راديكالية - لاحظ أن الراديكالية والتشدد من أى طرف مستحيل تنجح في التطبيق لإن ظروف مصر ومعطيات العصر لاتسمح لأى طرف بفرض رؤيته الخالصة أو الاستحواذ على جميع المصالح - سواء ثورية أو محافظة ، علمانية أو طائفية , متحررة أو قمعية - بدون بقية أطراف المعادلة

ببساطة رغبة كل طرف في فرض رؤيته الخاصة أمر غير منطقي ومستحيلة التطبيق في الواقع لإن كل طرف له رغباته وتصوراته ومصالحه واراداته وتنوعاته الداخلية ومحاذيره ونقاط ومساحات لقوته أو ضعفه فبالتالي مجرد قيام طرف بعرض مطالبه على أنها الأصح أو على أنها لاتحتمل التنازل والتفاوض والتعديل بيضعه بشكل مباشر خارج اطار الجدية , ومهما أدعى في خطابه بأنه جاد أو مناضل أو متحمس أو تعامل بعنف , فبقية الأطراف لاتملك إلا التجاوز عنه وعدم السماع له من الأصل لإنه براديكاليته بيرفض يسمعهم

طرح الحلول المنطقية معناه بوضوح طرح الحلول الوسط - لإن فرض حلول جذرية أمر غير ممكن تصوره بالمنطق - حلول تحاول تقرب من وجهات النظر المختلفة بدل ماتحاول فرض وجهة نظر واحدة طائفية أو علمانية أو ثورية أو قمعية أو طبقية

لابد من طرح حلول تحقق قدر من المصالح لكل الأطراف بدل النظر لمصلحة طرف لوحده وكأن بقية الأطراف غير موجودة

طالما لم نجد حلول توافقية بين الثوريين والطائفيين والفقراء والأغنياء والتحرريين والقمعيين , بين القضاة والشرطة والألتراس والأخوان والفقراء ورجال الأعمال والمثقفين وغيرهم فحنفضل في حالة السيولة وفرض الأقوى لإرادته حسب قوة شبكة مصالحه ،، وطبعا مع تغير توازنات القوى وتغيير مفهوم "القوي" في كل لحظة حنفضل في حالة السيولة مدة طويلة جدا لحد مانتعلم نعيش مع بعض ويحصل توازن مابين رغبات وارادات ومصالح كل الأطراف ,,, واحتمال التوازن ده ميحصلش غير بعد انهيار قوى بعض أطراف اللعبة زى المجلس العسكري السابق - المجلس العسكري السابق غير الجيش دلوقتي - أو مثلا سقوط شرعية حكم الأخوان لكن لحد ماده حيحصل حيفضل مفيش استقرار كافي للبدء في تحسين الأوضاع بشكل عام

لكن عشان نوصل للتوازن ده فمن الضروري طول الوقت طرح الحلول التوافقية اللي حتعلم أطراف اللعبة أن مش هما بس الموجودين ، وحتعلمنا أكتر عن طبيعة مجتمعنا والقوى الموجودة فيه

عشان كدة لازم نشجع طرح حلول من كيان وسطي بين الثوريين والطائفيين زى حزب مصر القوية رغم أنها حتكون طول الوقت حلول قاصرة بسبب انها بتعبر عن وسطية بين طرفين "الطائفيين والثوريين" وبتتجاهل وجود طرف تالت ورابع وخامس سواء طبقي أو طائفي

وشفنا كلنا حالة الثورة ضد مبارك لما اتفقت مصالح ورؤى الثوريين والطائفيين بينما أعتمد الطرف التالت\الفلول\النظام على لغة القوة ورفض يقدم أى تنازلات للطرفين الباقيين فحصل الصدام اللي أدى لتحقيق مطلب راديكالي هو خلع مبارك

حنلاقي مثلا حلول مصر القوية ركزت على محاولة إيجاد توافق بين القوى الاسلامية والقوى الثورية لكنها تجاهلت - بطبيعة الحال - وجود مصالح للقضاة - اللي هما ظاهريا سبب اشعال الأزمة الحالية , وللشرطة اللي تطبيق حلول مصر القوية حيكون معناه رد فعل عنيف منها ورفض من الطبقة الاجتماعية العليا مما يطلق عليه الفلول أو الكنب - اللي خرجت في المظاهرات ضد الأخوان وساهمت طول الوقت في محاربتهم لأنهم بيهددوا بتغيير أنماط حياتهم

لا أدعي أن حزب واحد قادر على إيجاد حل تتوافق عليه كل الأطراف دي ، بالعكس, لإني مدرك إستحالة أن يقوم كيان نشأ كحل وسطي بين طرفين "طائفي - ثوري" استيعاب مطالب الطرف التالت "الفلولي" فلذلك بدعو أن بقية الكيانات الوسطية القائمة كحل وسط بين طرفين - مثلا حزب المؤتمر اللي قام كنقطة التقاء بين الطرف العلماني الثوري والعلماني الفلولي واللي بطبيعة الأمور حيكون أقل استيعابا لمنطق ومطالب الطرف الاسلامي أو حركة سلفيو كوستا اللي قامت كتمثيل لرغبة الطبقة العليا اللي كانت مهمشة اجتماعيا بسبب تدينها في المشاركة في قيادة المجتمع بعد الثورة - أنه يقدم مبادرات بحلول لإنها حتكون بطبيعة الأمر كاشفة عن نقاط قصور في غيرها من المبادرات والأطروحات وأكيد وجهة نظر كل كيان حتكون معبرة عن أفق سياسي أو اجتماعي حتغفله بقية الكيانات , بالطبع لاأغفل أهمية المبادرات الفردية لكن كمان لا أغفل أهمية أن تكون المبادرات المطروحة معبرة عن تيارات عشان تحقق قدر أدنى من التوافق وتكون نقط القصور الموجودة فيها قابلة للاصلاح عن طريق مبادرات أخرى

ولازم في النهاية أوضح - لو كان حد لسة ملاحظش - أني مش بتكلم عن مسألة الاعلان الدستوري، وانما بتجاوزها بكتير وبتكلم عن الحلول المجتمعية والسياسية بشكل عام للخروج من المجتمع المصري من حالة حرب الجميع ضد الجميع

No comments: