Friday, October 29, 2010

الحارة

كان يعلم أنها لا تحبه , لا تسأله كيف علم بذلك , فهذه أشياء لا توصف لكن تحس , ورغم احساسه ذلك كان مستعدا للدخول في مشاجرة مع حميد كبير الحارة من أجلها , لم يكن الشجار مع حميد يعني له فقط علقة موت بلا دية ,لكن أيضا يعني خسارة مكانته المجانية التي يجنيها بفضل حماية حميد له , هي أيضا كانت من الخبث بمكان بألا تصرح علانية بأنها لا ترغبه وترغب في سواه - لا لم تكن ترغب في حميد كما تحتم قواعد الدراما المصرية العتيقة - الحقيقة أنها لم لم تدري من ترغب فعلا من وسط رجال الحارة , سيد صبي الصيدلي بائع البرشام الذي تتحاكى رفيقاتها عن ثروته الواسعة التي تعطيه قوة وسطوة أكبر مما يبدو من مظهره العام أكبر حتى من حميد وأخوته فتوات الحارة , أم لعلها تميل أكثر لعطوان صاحب الصوت الغنائي الذي اعتادت على اللعب معه في طفولتهما وكانت دائما تسخر منه وتلقبه بالفنان ابن الفران والذي كثيرا ما ضربها مؤكدا أنه لن يكبر ليصير فرانا مثل أبيه بل مطربا كالأستاذ الفنان شعبان عبد الرحيم , لكن وفاة أبيه بسبب جرعة برشام أكبر من اللازم باعها له سيد - في بدايات حياته العملية قبل أن يعلم سر الصنعة والجرعات المناسبة - أدت لأن يتحمل عطوان مسئولية أمه وأخته حنان ليردد بعد ذلك في حلقات الذكر الذي يواظب عليها في جامع الشيخ مجاور أن الله قد أنقذه من "سكة الفن والندامة" , قامت بإخبار عطوان علاقة حنان - منافستها على قلوب رجال الحارة - بالأمين فتحي الرئيس الحقيقي لحميد كبير بلطجية الحارة , فقرر أن يثأر لشرفه وذهب لحنان في منزلها ليسبها ويهددها وفوجئ بعدها ببوكس شرطة يقوم بالقبض عليه من داخل الفرن الذي ورثه عن أبيه بتهمه انضمامه لجماعة ارهابية ولم ينقذه وقتها سوي الأستاذ عبده محامي الحارة , لم يكن يعلم أن الأمين فتحي صاحب سطوة كبيرة لما يقدمه من خدمات توريد للبلطجية - حميد وأخوته - في أوقات الانتخابات مكنته من اصدار أمر اعتقال له , كان عطوان يقول دائما "الفن باينه مكتوب للمكوجية مش للفرانين" ثم يضحك على أقصى ما يتحمله صدره أثناء جلسات الحشيش التي أنضم اليها بعد خروجه من السجن ,كانت جلسات الحشيش تضم من كانوا لا يتعاطون البرشام إما لأنهم لا يحبون الحشيش وإما لأنهم لا يحبون سيد بائع البرشام , جلسة الحشيش كانت تضم حميد نفسه الذي يعادي سيد لمنافسته اياه في سيطرته على أهل الحارة والأستاذ عبده الذي لم يكن محامي حقيقي وانما كاتب سابق بالمحكمة .

No comments: