مرونة عقلية ، تعطيك القدرة على إستيعاب الأفكار المتناقضة ودوافعها ، تزيد قليلا لتعطيك القدرة على تبني الفكرة وعكسها
كارثة أخلاقية ما لا تفهم كنهها ، فكل فكرة مهما بدت سخيفة وقاتلة للبعض هي منطقية وذات حيثية عند البعض الآخر ة وإلا ما وجدت
قدرتك على استيعاب الفكرة ونقيضاتها تصبح لعنة ، فأنت تبني في عقلك جبهة واسعة من الفهم والاستيعاب على حساب صلابة موقفك
لإنك عندما تفهم كل فكرة ودوافعها ثم تفهم كل نقيض لنفس الفكرة ودوافعه تجد أن قدرتك على اتخاذ مواقف حاسمة تتآكل
أنت ترى مافي تلك الفكرة من نبل ولكنك لا تستطيع أن تخلص لها اخلاص المؤمنين الواثقين لدرجة الخبل لإنك ترى مافي عكسها من منطق ووجاهة ومنفعة وتجد أن تبنيك لفكرة بعينها يعني رفضك لعكسها الذي بعد أن تفكرت فيه أصبحت تفهمه ولا ترفضه بنفس الدرجة
عقلك يعمل بنظام تأبى أن تخضع له روحك ، تتوق إلى الحماس إلى شئ ما ، تتمنى لو كان في قدرتك أن تنحاز بشكل أعمى إلى طرف من الأطراف
تلجأ لقلبك في
مثل تلك الظروف ، تجبر عقلك على الإنحياز لأحد الأطراف التي يعلم أنها
لاتملك الصواب المطلق فقط خضوعا لغرائزك الحماسية
حتى الأفكار الكبرى العظيمة والمبادئ التي لايختلف عليها أحد تجد أن الخلاف على تطبيقها لا يمكن ان ينتهي ... حقا الشيطان - العبقري - يكمن في التفاصيل
تتوق لذلك الزمان الذي كان يمكن للبشر أن ينحازوا انحيازا أعمى لأحد
الأطراف المتصارعة دون أن ينخر الشك في قلوبهم وتطلب منهم عقولهم الموضوعية
تتوق لذلك الزمان الذي كان يمكن للمرء أن يعرض نفسه للتضحية لصالح قضية
مابدون الشك في دوافع القائمين عليها ومدى صحتها والمنطق خلفها وخلفهم
أولئك الذين قاتلوا وقتلوا بإستماتة منقطعة النظير من أجل نبي وعدهم بالجنة
فقط ليخلدوا في التاريخ بأنهم أتبعوا نبيا كذابا اسمه مسيلمة هل يختلفون عن الذين دافعوا عن مبدأ عظيم بكل جوارحهم ليكتشفوا أنهم كانوا مجرد أداة في يد من يستغل ذلك المبدأ لصالحه؟
تنتمي لأولئك الذين آمنوا يوما بالحب المطلق ، في زمن آخر ، خطأك أنك أخترت الزمان الخطأ لتوجد, ما كان لمثلك أن يوجد في ذلك الزمان
تنتمي لذلك الزمان الذي كان الفارس يصارع فيه التنانين دفاعا عن محبوبته
الأميرة المخطوفة ، ذلك الزمان الذي لم يوجد إلا في خيال كتاب القصص , ففي الواقع لا تبدو التنانين بتلك البشاعة والوضوح - بل هي أشبه بالحرباء التي تتغير حسب احتياجاتك , في الواقع قد تكون محبوبتك الأميرة أحد التنانين المتنكرة
يظل ذلك الصراع أبديا داخلك .. الصراع بين عقلك المتشكك وقلبك الذي يتمنى غفلة كغفلة الطفولة ويقف الضمير بينهما حكما لا يتوقف عن محاكمتك ان ملت لطرف من الطرفين المتصارعين على حساب الحق
No comments:
Post a Comment